للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بصيغة الجمع في جميع الإسناد مثل هذا إلى هنا (١). وفيه: القول في خمس مواضع. وفيه: أن رواته ما بين هروي وبغدادي وكوفي وبصري. وفيه: أن شيخ البخاري من أفراده. وفيه: أن معاوية بن عمرو أيضاً من شيوخ البخاري، وهو مِن قدماء شيوخه، وروى له ههنا بواسطة، والظاهر أنه لم يسمع هذا الحديث منه. وفيه: تصريح حميد بالتحديث عن أنس، فأُمِن بذلك تدليسُه.

قوله: (قَالَ: أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: ((أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، وَتَرَاصُّوا، فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي))).

مطابقته للترجمة ظاهرة.

قوله: (أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ) الخِطابُ للجماعة الحاضرين لأداء الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم، وإقامة الصفوف: تسويتُها، وقد وقع في رواية معمر عن حميد عند الإسماعيلي بدل: (أَقِيمُوا) (اعْتَدِلُوا).

قوله: (وَتَرَاصُّوا) بضم الصاد المشددة وأصله: تراصَصُوا، أدغمت الصاد في الصاد لأنهما مِثْلاً يُوجِبُ الإدغامَ، ومعناه: تضامُّوا وتلاصقوا حتى يتصل ما بينكم ولا ينقطع، وأصلُه من الرصِّ، يقال: رص البناءَ يرصُّه رصَّاً إذا ألصق بعضه ببعض، ومنه قوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: ٤]، وفي «سنن أبي داود» و «صحيح ابن حبان» : من حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((رُصُّوا صفوفكم وقاربوا بينها وحاذوا بالأعناق، فوالذي نفسي بيده أني لأرى الشيطانَ يدخل من خَلَلِ الصف، كأنه الحَذَفُ)). والحَذَفُ بالحاء المهملة والذالِ المعجمة المفتوحتين وفي آخره فاء، وهي غنم صغار سود يكون باليمن، وفسرها مسلم: بالنَّقَد، بالتحريك، وهي جنس من الغنم قِصارُ الأرجل قِبَاحُ الوجوه. قال الأصمعي: أجودُ الصوف صوفها. وفي رواية البيهقي: قيل: يا رسول الله، وما أولادُ الحذف؟ قال: ((ضأنٌ جُرْدٌ سُودٌ يكون بأرض اليمن)). وقال الخطابي: ويقال: أكثر ما يكون بأرض الحجاز.

قوله: (مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي) أي من خلف ظهري، وههنا ذَكَر كلمة (مِنْ) بخلاف الباب السابق، والنكتة فيه أنه إذا وُجِدَ (مِنْ) يكون صريحاً بأنَّ مَبدأ الرؤية ومَنشأَها من خلفٍ بأن يخلق الله حاسَّةً باصِرةً فيه، وإذا عُدِم يُحتمل أن يكون منشؤُها هذه الحاسة المعهودة، وأن تكون غيرُها مخلوقةً في الوراء، ولا يلزم رؤيتُها بتلك الحاسة، إذْ الرؤيةُ إنما هي بخلق الله تعالى وإرادته.

فيه: جواز الكلام بين الإقامة وبين الصلاة وقد تقدم في باب مفرد. قال العيني: وفيه: وجوب تسوية الصفوف، وفيه: معجزة النبي صلى الله عليه وسلم.

قال شيخنا: وفيه: مراعاة الإمام لرعيته والشفقةُ عليهم وتحذيرُهم من المخالفة. قلت: وفيه: أن المصلين كانوا يقومون خلفه أكثر من صفين، وأن الصف الأول لا يحجِبُ رؤيتَه للصف الثاني، ولا الأول والثاني يحجبان رؤيته للصف الثالث، ولا الظلامُ ولا الثيابُ يحجبون رؤيته للمصلين خلفَه. انتهى.

(٧٣) (بَابُ الصَّفِّ الأَوَّلِ)

أي هذا بابٌ في بيان ثوابِ الصف الأول، واختُلِف في الصف الأول فقيل: المراد به ما يلي الإمام مطلقاً. وقيل: المرادُ من سبق إلى الصلاة ولو صلى آخر الصفوف،


(١) في (الأصل) : ((مثل هذا إلى هنا)) ولعل الصواب ((ولم يقع مثل هذا إلا هنا)).

<<  <   >  >>