إذا كان المسجد واسعًا. وقال القُرْطُبي: وسبب الكراهة بين الأساطين: إنَّه رُوي: إنَّه مُصلَّى الجنّ المؤمنين.
(٩٨) (بَابُ الصَّلاة إِلى الرَّاحِلَةِ وَالبَعِيرِ وَالشَّجَرِ وَالرَّحْلِ) أي هذا بابٌ في بيان حكم الصَّلاة بالتوجُّه إلى الراحلة... إلى آخره، والراحلة: الناقة الَّتي يختارها الرجل لمركبه ورحله على النجابة وتمام الخلق وحسن المنظر، فإذا كانت في جماعة الإبل عُرِّفت، والهاء فيه للمبالغة كما يقال: رجل داهية وراوية، وقيل: إنَّما سُمِّيت راحلة؛ لأنَّها ترحل، كما قال الله تعالى: {في عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة: ٢١] أي مرضيَّة، والبعير من الإبل بمنزلة الإنسان من النَّاس، يقال للجمل: بعير، وللناقة: بعير، وبنو تميم يقولون: بِعير وشِعير بكسر الباء والشين، والفتح هو الفصيح، وإنما يقال له: بعيرٌ إذا أجذع، أي دخل في السنة الخامسة، والجمع: أَبعِرةٌ في أدنى العدد، وأَباعِرُ في الكثير، وأَباعِير وبعران، وهذه عن الفرَّاء.
فإن قلت: إذا أُطلق البعير على الناقةِ والراحلةُ هي الناقة، فما فائدة ذكر البعير؟ قال العَيني: ذهب بعضهم إلى أنَّ الرَّاحلة لا تقع إلَّا على الأنثى، ولأجل ذلك أردفه بالبعير؛ فإنَّه يقع عليهما.
قوله: (وَالشَّجَرُ) هو المعروف، وفي حديث علي رضي الله عنه قال: ((لقدْ رأيتُنا يومَ بدرٍ وما فينا إنسانٌ إلَّا نائمٌ، إلَّا رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فإنَّهُ كَانَ يصلِّي إلى شجرةٍ يدعو حتَّى أصبحَ)) رواه النَّسائي بإسناد حسن.
قوله: (وَالرَّحْلُ) -بفتح الرَّاء وسكون الحاء المهملة- وهو للبعير أصغر من القتب، وهو الذي يُركَب عليه، وهو الكُور -بضمِّ الكاف-.
فإن قلت: حديث الباب لا يدلُّ على الصَّلاة إلى البعير والشَّجر؟ قال العَيني: كأنَّه وضع الترجمة على أنَّه يأتي لكلِّ جزء منها بحديث، فلم يجد على شرطه إلَّا حديث الباب، وهو يدلُّ على الصَّلاة إلى الرَّاحلة والرَّحل، واكتفى به عن بقيَّة ذلك بالقياس على الرَّاحلة، وقد روى غيره في الصَّلاة إلى البعير والشَّجر.
أمَّا الصَّلاة إلى البعير فرواه أبو داود عن عُثْمان بن أبي شَيْبَة ووهبِ بن منبِّه وعبدِ الله بن سعيد، قال عثمانُ: أخبرنا أبو خالد قال: أخبرنا عُبَيْد الله عن نافع عن ابن عُمَر: ((أنَّ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كانَ يصلِّي إلى بعيرِه))، وأمَّا الصَّلاة إلى الشَّجر فقد ذكرناه الآن من حديث علي رضي الله عنه في النَّسائي.
قال شيخنا: المذكور في حديث الباب الرَّاحلةُ والرَّحل، وكأنَّه ألحق البعير بالرَّاحلة للمعنى الجامع بينهما، ويحتمل أن يكون أشار إلى ما ورد في بعض طرقه، فقد رواه أبو خالد الأحمر عن عبد الله بن عُمَر عن نافع بلفظ: ((كانَ يصلِّي إلى بعيرِه)). انتهى. فإن كان هذا حديثًا آخر حصل المقصود، وإن كان مختصرًا من الأوَّل كأن يكون المرادُ: يصلِّي إلى مؤخِّرة رحل بعيره، اتَّجه الاحتمال الأوَّل، ويؤيِّد الاحتمال الثاني: ما أخرجه عبد الرزَّاق: أنَّ ابن عُمَر كان يكره أن يصلِّي إلى بعير إلَّا وعليه رَحل، ذكره بعدُ. وأَلحق بالشجر الرحل بطريق الأولويَّة، ويحتمل أن يكون أشار بذلك إلى حديث علي، أي المتقدِّم. انتهى.
٥٠٧ - قوله: (حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بنُ أَبي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ البَصْرِيُّ) ترجمته في باب المساجد الَّتي على طرق المدينة.
قوله: (قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ بنُ سُلَيْمَانَ) ترجمته في باب مَنْ خصَّ بالعلم قومًا.