للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإنما لم يجزم بقوله: باب كراهية كذا؛ لأن لفظ الحديث لا يقتضي نهيًا مطلقًا؛ لأن النَّهي فيه عن غلبة الأعراب على ذلك، فكأنَّه رأى جواز إطلاقه بالعشاء على وجه لا يترك التسمية الأخرى كما ترك الأعراب، والمشروع أن يقال لها: المغرب؛ لأنَّه اسم يُشعر بمسماها وبابتداء وقتها، ووجه كراهة إطلاق العشاء عليها لأجل الالتباس بالصَّلاة الأخرى، فعلى هذا لا يكره أن يقال للمغرب: العشاء الأولى، ويؤيُّده قولهم: ((العشاء الآخرة)) كما ثبت في الصحيح، ونقل ابن بطَّال عن بعضهم: إنَّه لا يقال للمغرب: العشاء الأولى، ويحتاج إلى دليل؛ لأنَّه لا حجَّة له من حديث الباب، وقال المُهَلَّب: إنَّما كره أن يقال للمغرب: العشاء؛ لأنَّ التسمية من الله تعالى ورسوله، قال تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: ٣١].

٥٦٣ - قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، هُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو) أي -بفتح الميمين- ابن الحجَّاج المِنقَري المُقعَد البصري، ترجمته في باب قول النَّبيِّ: اللَّهمَّ علِّمه الكتاب.

قوله: (قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الوَارِثِ) أي ابن سعيد التنُّوري، ترجمته في الباب أيضًا.

قوله: (عَنِ الحُسَيْنِ) أي ابن ذكوان المُعَلِّم، ترجمته في... (١).

قوله: (قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ بُرَيْدَةَ) أي -بضمِّ الباء الموحَّدة وفتح الرَّاء وسكون الياء آخر الحروف، وبالدَّال المهملة- قاضي مرو، ومات بها سنة خمس عشرة ومائة.

قوله: (قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ المزَنيُّ) أي ابن مُغَفَّل -بضمِّ الميم وفتح الغين المعجمة وتشديد الفاء- من أصحاب الشجرة، قال: كنت أرفع أغصانها عن رسول الله صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم، روي له ثلاثة وأربعون حديثًا، للبخاري منها خمسة، وهو أوَّل من دخل تستر وقت الفتح، مات سنة ستِّين رضي الله عنه.

في هذا الإسناد التَّحديث بصيغة الجمع في موضعين، وبصيغة الإفراد من الماضي في موضعين، وفيه العنعنة في موضع واحد، وفيه القول في أربع مواضع، وفيه أنَّ رواته كلُّهم بصريُّون، وفيه إنَّه وَقَعَ عند الأكثرين عبد الله المزَني لم يذكر اسم أبيه، وفي رواية كريمة ابن مُغَفَّل، وكذلك وَقَعَ منسوبًا بذكر أبيه في رواية عبد الصَّمد بن عبد الوارث عن أبيه عند الإسماعيلي وغيره.

قوله: (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا تَغْلِبَنَّكُمُ الأَعرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمُ) قال وتقول الأعراب: هي العشاء.

مطابقته للترجمة ظاهرة؛ لأنَّه عليه السَّلام نهاهم أن يسمُّوا المغرب بالاسم الذي تسمِّيه الأعراب وهو العشاء، وهذا الحديث من أفراد البخاري.

قوله: (لَا تَغْلِبَنَّكُمُ الأَعْرَابُ) قال الأزهري: معناه لا يغرنَّكم فعلهم هذا عن صلاتكم فتؤخِّروها، ولكن صلُّوها إذا كان وقتها، والعشاء: أوَّل ظلام الليل، وذلك من حين تكون غيبوبة الشَّفق، فلو قيل في المغرب: عشاء لأدَّى إلى اللَّبس بالعشاء الآخرة، والكراهة في ذلك إلَّا تتبع الأعراب في هذه التسمية، وقيل: إنَّ الأعراب يسمُّونها العتمة لكونهم يؤخِّرون الحلب إلى شدَّة الظلام، وقال القُرْطُبي: لئلَّا يُعدل بها عما سمَّاها الله تعالى، فهو إرشاد إلى ما هو الأولى، لا على التحريم ولا على أنَّه لا يجوز، ألا تراه عليه السَّلام قد قال:


(١) لم يذكر المصنف اسم الباب، بل ترك بياضاً بمقدار كلمتين أو ثلاث.

<<  <   >  >>