للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أن يقال: فضل الصَّلاة في وقتها؛ لأنَّ الوقت ظرف لها، ولذكره هكذا وجهان، الأوَّل: أنَّ عند الكوفيين حروف الجر يقام بعضها مقام البعض، والثاني: اللام هنا مثل اللَّام في قوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنّ} [الطلاق: ١] أي مستقبلات لعدِّتهنَّ، ومثل قوله: لقيته لثلاثٍ بقين من الشَّهر، وتسمَّى بلام التأقيت والتأريخ، وأمَّا قيام اللَّام مقامَ في ففي قوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ القِيَامَةِ} [الأنبياء: ٤٧]، وقوله: {لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إلَّا هُو} [الأعراف: ١٨٧]، وقولهم: مضى لسبيله، فإن قلت: ففي حديث الباب على وقتها، فالترجمة لا تطابقه؟ أجيب: بأن اللَّام تأتي بمعنى على أيضًا نحو قوله تعالى: {يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَان} [الإسراء: ١٠٩]، وقوله: {دَعَانَا لِجَنْبِه} [يونس: ١٢] {وَتَلَّهُ لِلْجَبِين} [الصافات: ١٠٣].

وعلى الأصل جاء أيضًا في الحديث أخرجه ابن خُزَيمَة في «صحيحه» عن بُنْدار قال: حدَّثنا عُثْمان بن عُمَر حدَّثنا مالك بن مِغْوَل عن الوليد بن العَيزار عن أبي عَمْرو عن عبد الله قال: ((سألتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم: أيُّ العملِ أفضل؟ قالَ: الصَّلاةُ في أوَّل وقتِها))، وأخرجه ابن حبَّان أيضًا في «صحيحه»، وكذا أخرجه البخاري في التوحيد بلفظ الترجمة، وأخرجه مسلم باللَّفظين، أي باللَّام وعلى.

٥٢٧ - قوله: (حَدَّثَنا أَبُو الوَلَيْدِ هِشَامُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ) أي الطَّيالِسي البصري.

قوله: (قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) أي ابن الحجَّاج.

قوله: (قَالَ: قَالَ الوَلِيْدُ بنُ العَيْزَارِ) أي -بفتح العين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وبالزَّاي قبل الألف وبالرَّاء بعدها- ابن حُرِيْث -بضمِّ الحاء المهملة- الكوفيُّ.

قوله: (أَخْبَرَنِي) فيه تقديم وتأخير تقديره: حدَّثنا شُعْبَة أخبرني الوليد بن العَيزار.

قوله: (سَمِعْتُ أَبَا عَمْرو الشَّيْبَانيَّ يَقُوْلُ) أي سعيد بن إِياس -بكسر الهمزة وتخفيف الياء آخر الحروف- المخضرمَ، أدرك الجاهليَّة والإسلام، عاش مائة وعشرين سنة، قال: أذكر أنِّي سمعتُ بالنَّبِيَّ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم وأنا أرعى إبلًا لأهلي بكاظمة -بالظاء المعجمة- وتكامل شبابي يوم القادسيَّة فكنت ابن أربعين سنة يومئذ. وكان من أصحاب عبد الله بن مسعود، قلت: قد تقدَّم الكلام على الخضرمة في باب: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: ٩]. انتهى.

قوله: (يَقُوْلُ: حَدَّثنا صاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ، وَأَشارَ إِلى دَارِ عَبدِ اللهِ) أي ابن مسعود.

في هذا الإسناد التَّحديث بصيغة الجمع في ثلاث مواضع، وفيه الإخبار بلفظ الإفراد من الماضي، وفيه القول والسَّماع والسُّؤال، وفيه أنَّ رواته ما بين بصري وكوفي وفيه تقديم وتأخير في قوله: (أخبرني) كما تقدَّم.

قوله: (قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ تَعَالَى؟ قَالَ: الصَّلاة عَلَى وَقْتِهَا. قَالَ: ثمَّ أَيُّ؟ قَالَ: بِرُّ الوَالِدَينِ. قَالَ: ثمَّ أَيُّ؟ قالَ: الجِهادُ في سَبِيْلِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِنَّ، وَلَوِ استَزَدتُهُ لَزَادَنِي).

هذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا في الأدب عن أبي الوليد، وفي التوحيد عن سُلَيمان بن حرب، وفي الجهاد عن الحسن بن الصبَّاغ، وفي التوحيد أيضًا عن عبَّاد بن العوَّام، وأخرجه مسلم في الإيمان عن عُبَيْد الله بن معاذ وعن محمَّد بن يحيى وعن أبي بكر بن أبي شَيْبَة وعن عُثْمان بن أبي شَيْبَة، وأخرجه التِّرْمِذي في الصَّلاة عن قُتَيْبَة، وفي البرِّ والصِّلة عن أحمد بن محمَّد المروزي،

<<  <   >  >>