للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأخرجه النَّسائي في الصَّلاة عن عَمْرو بن علي وعن عبد الله بن محمد.

قوله: (حَدَّثَنَا صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ) لم يصرِّح فيه شُعْبَة باسم عبد الله، بل رواه مبهمًا، ورواه مالك بن مِغْوَل عند البخاري في الجهاد، وأبو إِسْحاق الشَّيباني في التوحيد عن الوليد مصرِّحًا باسم عبد الله، وكذا رواه النَّسائي من طريق أبي معاوية عن أبي عَمْرو الشَّيباني، وأحمد من طريق أبي عُبَيْدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه، ومع هذا في قوله: (وَأَشارَ بَيَدِهِ إِلى دارِ عَبدِ اللهِ) اكتفاء عن التَّصريح؛ لأنَّ المراد من عبد الله هو ابن مسعود.

قوله: (أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلى اللهِ؟) وفي رواية مالك بن مِغْوَل: ((أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ؟))، وكذا لأكثر الرُّواة.

قوله: (عَلَى وَقْتِهَا) استعمال لفظة على ههنا بالنظر إلى إرادة الاستعلاء على الوقت والتمكن على أدائها في أيِّ جزء من أجزائها، واتفق أصحاب شُعْبَة على اللَّفظ المذكور، وخالفهم علي بن حَفْص فقال: ((الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا) وقال الحاكم: روى هذا الحديث جماعة عن شُعْبَة ولم يذكر هذه اللفظة غير حجَّاج عن علي بن حفص، وحجَّاج حافظ ثقة، وقد احتجَّ مسلم بعلي بن حفص، قال شيخنا: وعلي بن حَفْص شيخ صدوق من رجال مسلم، أخرجه الحاكم والدَّارَقُطْني والبَيْهَقي من طريقه، قال الدَّارَقُطْني: ما أحسبه حفظه؛ لأنَّه كبر وتغير حفظه. ورواه الحسن بن علي المعمري في «اليوم والليلة» عن أبي موسى محمَّد بن المثنَّى عن غُندر عن شُعْبَة كذلك، قال الدَّارَقُطْني: تفرَّد به المَعْمري، فقد رواه أصحاب أبي موسى عنه بلفظ: ((عَلَى وَقْتِهَا))، ثمَّ أخرجه الدَّارَقُطْني عن المُحاملي عن أبي موسى كرواية الجماعة، وهكذا رواه أصحاب غُندر عنه، والظَّاهر أنَّ المَعْمري وهم فيه؛ لأنَّه كان يُحدِّث من حفظه، وقد أطلق النَّوَوي في «شرح المهذب» : أنَّ رواية ((فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا)) ضعيفة. انتهى. لكن لها طريق أخرى أخرجها ابن خُزَيمَة في «صحيحه» والحاكم وغيرهما من طريق عُثْمان بن عُمَر عن مالك بن مِغْوَل عن الوليد وتفرَّد عُثْمان بذلك، والمعروف عن مالك بن مِغْوَل كرواية الجماعة، كذا أخرجه المصنِّف وغيره، وكان من رواها كذلك ظنَّ أنَّ المعنى واحد، ويمكن أن يكون أخذه من لفظةِ على؛ فإنها تقتضي الاستعلاء على جميع الوقت فيتعيَّن أوَّله. انتهى.

قوله: (ثُمَّ أَيُّ؟) قال الفاكهاني: إنَّه غير منوَّن؛ لأنَّه موقوف عليه في الكلام والسائلُ ينتظر الجواب، والتنوين لا يوقف عليه، فتنوينه ووصله بما بعده خطأ، فيوقف عليه وقفة لطيفة ثمَّ يؤتى بما بعده، وقال ابن الجوزي: في هذا الحديث (أَيٌّ) مشدَّد منوَّن كذلك سمعت من ابن الخَشَّاب، وقال: لا يجوز إلَّا تنوينه؛ لأنَّه معرب غير مضاف. وقال شيخنا: وتُعُقِّب بأنَّه مضاف تقديرًا، والمضاف إليه محذوف لفظًا، والتقدير: ثمَّ أيُّ العمل أحب؟ فيوقف عليه بلا تنوين، وقد نصَّ سيبويه على إنَّها معرب ولكنَّها تُبنى إذا أُضيفت، واستشكله الزَّجَّاج، قال العَيني: قالت النحاة: إنَّ أيًّا الموصولة والشرطيَّة والاستفهاميَّة معربة دائمًا، فإذا كانت أيُّ هذه معربة عند الإفراد فكيف يقال: إنَّها مبنيَّة عند الإضافة؟! ولما نقل عن سيبويه هذا هكذا أنكر عليه الزَّجَّاج فقال: ما تبيَّن لي أنَّ سيبويه غلط إلَّا في موضعين هذا أحدهما؛ فإنه يسلِّم إنَّها تعرب إذا أفردت، فكيف يقول ببنائها إذا أُضيفت؟!

قوله: (قَالَ: بِرُّ الوَالِدَيْنِ) هكذا هو عند الأكثر من الرُّواة، وفي رواية

<<  <   >  >>