للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

التسمير على الأبواب، وبعضَهم لا يراه. وقال بعض الحكام: أَجلِس رجلًا على بابه ويمنع من الدخول والخروج من منزله إلا الطعامُ والشراب فإنه لا يُمنَع عنهما، ويُضَيَّقُ عليه حتى يخرُج فيُحكم عليه. قال الخصاف: ومن رأى الهجوم من أصحابنا على الخصم في منزله إذا تبيَّنَ ذلك فيكون ذلك بالنساءِ والخدم والرجال، فيُقدَّم النساءُ في الدخول ويفتَّش الدار ثم يدخل البيتَ الذي فيه النساءُ خاصَّةً، فإذا وُجِدَ أُخرِج، ولا يكون الهجومُ إلا على غفلة من غير استئمار، يدخل النساءُ أولًا كما قلنا آنفًا.

وفيه: جوازُ أخذِ أهل الجرائم على غِرَّةٍ.

وفيه: جواز الحلف من غير استحلاف كما في حلف النبي صلى الله عليه وسلم.

وفيه: جواز التخلف عن الجماعة لعذرٍ كالمرض والخوف من ظالم أو حيوان، ومنه خوفُ فواتِ الغريم.

وفيه: جواز إمامة المفضول مع وجود الفاضل إذا كانت فيه مصلحة، قال ابنُ بزيزة: وفيه نظر، لأن الفاضل في هذه الصورة يكون غائبًا، وهذا مختَلفٌ في جوازه.

واستدل ابنُ العربي منه في شيئين:

أحدُهما: على جواز إعدام محل المعصية كما هو مذهب مالك. قال العيني: وبذلك روي عن بعض أصحابنا - أي الحنفية - وادعى الجمهورُ النسخَ فيه كما في العقوبة بالمال.

والثاني: استَدَلَّ به على مشروعية قتل تارك الصلاة تهاونًا بها، والله أعلم. قال شيخنا: ونوزع في ذلك، روايةُ أبي داود التي فيها أنهم كانوا يُصلُّون في بيوتهم كما قدمناه تُعَكِّرُ عليه، نعم يمكن الاستدلال منه بوجهٍ آخر، وهو أنَّهم إذا استحقوا التحريق بترِك صفة من صفات الصلاة خارجةٍ عنها سواء قلنا واجبة أو مندوبة كَانَ من تركها أصلًا ورأسًا أَلحَقَ بذلك لكن لا يلزم من التهديد بالتحريق حصولُ القتلِ (١) لا دائمًا ولا غالبًا، لأنه يمكن الفرار منه أو الإخمادُ له بعد حصولِ المقصود منه من الزجر والإرهاب.

(٣٠) بَابُ فَضْلِ الجَمَاعَةِ

أي هذا بابٌ في بيان فضل الصلاة بالجماعة، وفي بعض النسخ: <باب فضل صلاة الجماعة>، لا يقال: إن بين هذه الترجمة وبين ترجمة الباب الذي قبله منافاة، لأن هذه في بيان الفضيلة وتلك في بيان الوجوب، لأنَّا نقول: كون الشيء مُتَّصفًا بالوجوب لا ينافي اتصافه بالفضيلة.

قال شيخنا: لكن الفضائل تتفاوت، فالمراد من الترجمة بيان زيادة ثواب الجماعة على صلاة الفذ. انتهى.

قوله: (وَكَانَ الأَسْوَدُ) أي ابن يزيد النخعي، أحد كبار التابعين، ترجمته في باب من ترك بعض الاختيار في كتاب العلم.

قوله: (كان إِذَا تفوتهُ الصلاة بالجَمَاعَة في مسجد يذهَبُ إِلَى مَسْجِدٍ آخَرَ ليصلي فيه بالجَمَاعَة) مطابقته للترجمة ظاهرة، وهي أنه لولا ثبوتُ فضيلة الجماعة عندَه لَمَا ترك فضيلةَ أول الوقتِ والمبادرةَ إلى خلاص الذمة وتوجه إلى مسجد آخر. كذا أشار إليه بن المنير.

قال شيخنا: والذي يظهر لي أن البخاري قصد الإشارةَ بأثر الأسود وأنس إلى أن


(١) في (الأصل) : ((الفعل)) والصواب ((القتل)).

<<  <   >  >>