للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإلى هذا ذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد، ولأصحاب الشافعي فيه ثلاثة أوجه: أحدها: مثلُ الجماعة، الثاني: لا تدخل الكراهة حتى يصلي سنة الفجر، الثالث: لا تدخل الكراهة حتى يصلي الصبح، وقال النووي: وهو الصحيح.

(١٦) بَابٌ: بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ لِمَنْ شَاءَ

أي هذا باب في بيان أنَّ بين كلِّ أذانين صلاة، وقد قلنا: إن المراد من الأذانين: الأذانُ والإقامةُ بطريق التغليب، كالقمرين والعُمرين ونحوِهما، لا يقال: هذا الباب تكرارٌ لأنه ذُكر قبل الباب الذي قبل هذا الباب، لأنَّا نقول: إنه ذُكِر هناك ببعض ما دل عليه لفظ حديث الباب، وههنا ذُكِر بلفظِ الحديث، وأيضًا لَمَّا كانَ بعضُ اختلافٍ في رواة الحديث وفي متنه ذَكَرَهُ بترجمتين بحسب ذلك.

٦٢٧ - قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ) أي أبو عبد الرحمن المقرئ مولى آل عمر البصري ثم المكي، مات سنة ثلاث عشرة ومائتين، روى عنه البخاري، وروى عن علي بن المديني عنه في الأحكام، وعن محمد غيرِ منسوب عنه في البيوع، وروى عنه مسلم بواسطة.

قوله: (قَالَ: حَدَّثَنَا كَهْمَسُ) أي بفتح الكاف وسكون الهاء وفتح الميم وبالسين المهملة: ابنُ الحسن مكبر النَّمَري - بالنون والميم المفتوحتين - القيسي، مات سنة تسع وأربعين ومائة، وباقي الرواة وما يتعلق بالحديث قد ذكرناه.

فإن قلتَ: ما الفرق بين عبارة حديث ذاك الباب وعبارة حديث هذا الباب؟ قال العيني: الحديثُ الذي هنا يفسر ذاك الحديث، والأحاديثُ تفسر بعضها بعضاً.

وقوله هناك: ((ثلاثًا) من لفظ الراوي أي: قالها ثلاث مرات، وتُبيِّنُ ذلك روايةُ النَّسائي: ((بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة)). وقال الكِرماني: فإن (١) قلتَ: ما التوفيقُ بينه حيث قيد الثالثة بقوله: ((لمن شاء))، وبين المطلَق الذي ثَمَّةَ؟ قلتُ: هذا في الكَرَّتين الأوليين مطلقٌ، وذاك مقيد بقوله: ((لمن شاء)) في المرات، والمطلق يُحمل على المقيد عند الأصوليين، وأيضاً ثمة نقلُ الزيادة في الأوليين، وزيادةُ الثقة مقبولة عند المحدثين. انتهى.

قال العيني: مشيئة الصلاة مرادة بين كل أذانين على أي وجه كان، ألا ترى أن عند الترمذي قالها مرةً، وقال في الرابعة: ((لمن شاء))، وعند أبي داود قالها مرتين، وعند البخاري ثلاثاً، وعند النسائي ثلاث مرات مكررة بغير لفظ العدد.

(١٧) بَابُ مَنْ قَالَ: لِيُؤَذِّنْ فِي السَّفَرِ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ

أي هذا باب في بيان قول من قال... إلى آخره، وكأنه أشار بهذه الترجمة إلى أن واحداً من المسافرين إذا أَذَّنَ يكفي ولا يُحتاج إلى أذان البقية، لأنه ربما كان يُتَخيَّل أنه لا يكفي الأذان إلا من جميعهم، لأن حديث الباب (٢) يدل ظاهراً أن الأذان في السفر لا يتكرر، سواء كان في الصبح أو غيره.

قال شيخنا: كأنه يشير إلى ما رواه عبد الرزاق بإسناد صحيح: أن ابن عمر كان يؤذن للصبح في السفر أذانين. وهذا مصيرٌ منه إلى التسوية بين الحضر والسفر، وظاهرُ حديث الباب


(١) ((فإن)) ساقطة في (الأصل).
(٢) ((الباب)) ساقطة في (الأصل).

<<  <   >  >>