جبير: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم ربما أطال ركعتي الفجر))، وقال مجاهد: لا بأس أن يُطيلَ ركعتي الفجر، وبالغ قومٌ فقالوا: لا قراءة فيهما، حكاه عياض والطحاوي. والحديثُ الصحيح يرُدُّ ذلك، وهو: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: ١] وفي الثانية بالفاتحة و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١])).
وفي رواية ابن عباس: كان يقرأ فيهما: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ} [البقرة: ١٣٦] وبقوله: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ} [آل عمران: ٦٤]. واستحب مالك الاقتصار على الفاتحة، على ظاهر قول عائشة رضي الله عنها: ((كان يخففهما حتى إني لأقول قد قرأ فيهما بأم الكتاب؟)). وفي «فضائل القرآن العظيم» لأبي العباس الغافقي: أمر رجلًا شكى إليه شيئًا أن يقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب وسورة {أَلَمْ نَشْرَحْ} [الشرح: ١]، وفي الثانية بالفاتحة وسورة {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ} [الفيل: ١].
وفيه: استحباب الاضطجاع على الأيمن عند النوم، وهو سُنَّةٌ عند البعض، واجبٌ عند الحسن البصري، وذكر القاضي عياض: أن عند مالك وجمهور العلماء وجماعة من الصحابة بدعة.
قال العيني: يعني الاضطجاع بعد ركعتي الفجر، وفي «سنن أبي داود والترمذي» بإسناد صحيح على شرط الشيخين، من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا صلى أحدكم الفجر فليضطجع على يمينه)). واعلم أنه ثبت في «الصحيح» : ((أنه عليه السلام كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة يوتر فيها بواحدة، فإذا فرغ منها اضطجع على شقه حتى يأتيه المؤذن فيصلي ركعتين خفيفتين))، فهذا الاضطجاع كان بعد صلاة الليل، وقبل صلاة ركعتي الفجر.
قال العيني: ولم يقل أحد إن الاضطجاع قبلهما سنة، فكذا بعدَهما. وقد روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((إنْ كنت مستيقظةً حدثني وإلا اضطجع)). فهذا يدُلُّ على أنه ليس بسنة، وأنه تارة كان يضطجع قبل وتارة بعد وتارة لا يضطجع. انتهى.
قلتُ: حديث أبي هريرة المتقدم آنفاً يدل على أن اضطجاع بعد ركعتي الفجر سنة. انتهى.
وفيه: استحباب إتيان المؤذن إلى الإمام الراتب وإعلامِه بحضور الصلاة.
وفيه: مراعاةُ الوقت للمؤذن وأن الإمام يجعل إليه ذلك.
وفيه: دلالةٌ على أن الانتظار للصلاة في البيت كالانتظار في المسجد، ولو لم يكن كذلك لخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد ليأخذ لنفسه بحظها من فضيلة الانتظار. قال الداودي: في حديث عائشة دلالة أن المؤذن لا يكون إلا عالماً بالأوقات، أو يكون من يعرِّفُه بها.
وفيه: تعجيلُ ركعتي الفجر عند طلوع الفجر، وقد كره جماعةٌ من العلماء - منهم الحنفية - التنفلَ بعد أذان الفجر إلى صلاة الفجر بأكثر من ركعتي الفجر، لِما في مسلم عن حفصة رضي الله عنها: ((كان عليه السلام إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين)). وعند أبي داود: عن يسار مولى ابن عمر قال: رآني عبد الله وأنا أصلي بعد طلوع الفجر، فقال: يا يسار إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج علينا ونحن نصلي هذه الصلاة فقال: ((لا تصلوا بعد الفجر إلا ركعتين)). وقال أبو عيسى: حديث غريبٌ لا نعرِفُه إلا من حديث قدامة بن موسى.
وهذا مما أجمع عليه أهل العلم، كرِهوا أن يصليَ الرجل بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر،