آخره؛ قلت: الأحاديث الواردة في النَّهي عامَّة فلا يترك العمل بعمومها للأحاديث الواردة الَّتي لها سبب الَّتي لا تقاومها، على أنَّا نقول: إنَّ أحاديث النَّهي متأخِّرة، فالعمل للمتأخِّر دون المتقدِّم. انتهى.
قال شيخنا: ولا يخفى أن حمل إنكار معاوية على هذا بعيد جدًّا، أي على سبيل التطوُّع الراتب لها، كما كانوا يصلُّون بعد الظهر. انتهى.
٥٨٨ - قوله:(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَلَّامٍ) أي بتشديد اللَّام، السَّكَندَري، ترجمته في باب قول النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أَنَا أَعلَمُكُمْ بِاللهِ.
قوله:(حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ خُبَيْبٍ عَنْ حَفْص بنِ عاصمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: نَهَى رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاَتَيْنِ بَعْدَ الفَجْرِ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمس وبعْدَ العَصْرِ حتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ) هذا الحديث قد تقدَّم بأتمِّ سياق في الباب الذي قبله، أخرجه عن عبد بن سُلَيمان عن عُبَيْد الله بن عُمَر بن حَفْص عن خُبيب بضمِّ الخاء المعجمة... إلى آخره.
(٣٢)(بَابُ مَنْ لَمْ يَكْرَهِ الصَّلاة إلَّا بَعْدَ العَصْرِ وَالفَجْرِ) أي هذا باب في بيان رواية من لم يكره الصَّلاة إلَّا بعد صلاة العصر وبعد صلاة الصبح، ثمَّ بيَّن هؤلاء الذين لم يكرهوا الصَّلاة إلَّا في الوقتين المذكورين بقوله:(رَوَاهُ عُمَر وابنُ عُمَر وأَبُو سَعِيْدٍ وأَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِيْنَ)
قال شيخنا: قيل: آثر البخاري الترجمة بذكر المذاهب على ذكر الحكم، للبراءة من عهدة بتِّ القول في موضع كَثُرَ فيه الاختلاف، ومحصَّل ما ورد من الأخبار في تعيين الأوقات الَّتي يكره فيها الصَّلاة إنَّها خمسة: عند طلوع الشَّمس وعند غروبها، وبعد صلاة الصُّبح وبعد صلاة العصر، وعند الاستواء، ويرجع بالتحقيق إلى ثلاثة من بعد صلاة الصُّبح إلى أن ترتفع الشَّمس فيدخل فيه الصَّلاة عند طلوع الشَّمس، وكذا من بعد صلاة العصر إلى أن تغرب، ولا يُعكِّر على ذلك أنَّ من لم يُصلِّ الصُّبح مثلًا حين بزغت الشَّمس يكره له التنفُّل حينئذٍ، لأنَّ الكلام إنَّما هو جار على الغالب المعتاد، وأمَّا هذه الصور النادرة فليست مقصودة، وفي الجملة عدّها أربعة أجود وبقي خامس وهو الصَّلاة وقت استواء الشَّمس، وعلَّه لم يصحَّ عند المؤلِّف على شرطه فترجم لنفيه، وفيه أربعة أحاديث: حديث عُقْبَة بن عامر وهو عند مسلم ولفظه: ((وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حتَّى تَرْتَفِعَ))، وحديث عَمْرو بن عَبَسَة وهو عند مسلم أيضًا ولفظه:((حَتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بِالرُّمْحِ، فَإِذَا أَقْبَلَ الفَيْءُ فَصَلِّ)) وفي لفظ لأبي داوود: ((حَتَّى يَعْدِلَ الرُّمْحَ ظِلُّهُ))، وحديث أبي هريرة وهو عند ابن ماجَهْ والبَيْهَقي ولفظه:((حَتَّى تَسْتَوِيَ الشَّمس عَلَى رَأْسِكَ كَالرُّمْحِ فَإِذَا زَالَتْ فَصَلِّ))، وحديث الصُّنابِحي وهو في «الموطأ» ولفظه: ((ثُمَّ إِذَا اسْتَوَتْ فارَقهَا فَإِذَا زَالَتْ قارَنهَا))، وَفِي آخِرِهِ:((وَنَهَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسلَّم عَنِ الصَّلاة فِي تِلْكَ السَّاعَة))، وهو حديث مرسل مع قوَّة رجاله، وفي الباب أحاديث أُخر ضعيفة، وبقضية هذه الزيادة قال عُمَر بن الخطَّاب: منهي عن الصَّلاة