للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مخلصًا، وانتصابه على الحال من الدين.

قوله: (فِطْرَتَ اللهِ) أي وعليكم فطرةَ الله، أي الزموا فطرة الله وهي الإسلام، وقيل: عهد الله في الميثاق.

قلت: الفطرة تطلق على الإسلام، وتطلق على أصل الخِلقة، فمن المعنى الأوَّل قوله عليه السلام: ((كلُّ مولودٍ يولدُ على الفطرةِ حتَّى يكونَ أبواهُ يهوِّدانهِ وينصِّرانهِ ويمجِّسانِه) وقول جبريل عليه السَّلام للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم ليلة الإسراء لما أخذ اللبن: ((هِيَ الفِطرةُ الَّتي أَنتَ عَلَيها)) أي دين الإسلام، ومن المعنى الثاني: {فِطْرَتَ اللهِ الَّتي فَطَرَ النَّاس عَلَيْهَا} [الروم: ٣٠] وقوله تعالى: {فَاطِرَ السَّمَواتِ وَالأَرضِ} [الأنعام: ١٤]. انتهى.

قوله: ({مُنِيْبِيْنَ}) نصب على الحال من المقدر وهو: الزموا فطرة الله، معناه: منقلبين، واشتقاقه من: ناب ينوب إذا رجع، وعن قَتَادَة معناه: تائبين، وعن ابن زيد معناه: مطيعين، والإنابة: الانقطاع إلى الله تعالى بالإنابة، أي الرجوع عن كلِّ شيء.

الثالث: في بيان وجه عطف قوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [البقرة: ٤٣] هو الإعلام بأن الصَّلاة من جملة ما يستقيم به الإيمان؛ لأنَّها عماد الدين، فمن أقامها فقد أقام الدين، ومن تركها فقد هدم الدين، قال شيخنا: وهذه الآية مما استدلَّ به من يرى بتكفير تارك الصلاة؛ لما يقتضيه مفهومها. وأجيب بأن المراد: أنَّ ترك الصَّلاة من أفعال المشركين، فورد النَّهي عن التشبُّه بهم، لا أن من وافقهم في الترك صار مشركًا، وهي من أعظم ما ورد في القرآن في فضل الصلاة. انتهى.

٥٢٣ - قوله: (حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ) ابن سعيد الأنصاري، ترجمته في باب السَّلام من الإسلام.

(قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادٌ، وَهُوَ ابنُ عَبَّادٍ) أي المهلَّبي البصري، وهو ممن وافق اسمه اسم أبيه، قلت: قال الذهبي في «الكاشف» : عبَّاد بن عبَّاد بن حبيب بن المُهَلَّب المهلَّبي أبو معاوية عن أبي جمرة ويونس بن خباب، وعنه أحمد ومسدَّد وابن عرفة وخلق، ثقة، قال أبو حاتم: لا يحتجُّ به، مات سنة إحدى وثمانين. وقال شيخنا في «المقدِّمة» : وثَّقه ابن معين وأبو داود والنَّسائي والعجلي وغيرهم، وقال أبو حاتم: لا يحتجُّ بحديثه، وقال ابن سعد: كان ثقة وربَّما غلط، وقال مرَّةً: ليس بالقوي، قلت: ليس له في البخاري سوى حديثين، أحدهما في الصَّلاة عن أبي جمرة عن ابن عبَّاس من حديث وفد عبد القيس بمتابعة شُعْبَة وغيرِه، والثاني في الاعتصام عن عاصم الأحول بمتابعة إسماعيل بن زكريا، واحتجَّ به الباقون.

قوله: (عَنْ أَبِي جَمْرَةَ) أي بالجيم والراء، واسمه نصر بن عِمْران.

قوله: (عَنِ ابنِ عبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا) في هذا الإسناد التَّحديث بصيغة الجمع في موضعين، وفيه العنعنة في موضعين، وفيه القول، وفيه: (وَهُوَ ابنُ عَبَّادٍ)، كذا وَقَعَ في رواية أبي ذرٍّ بالواو، وفي رواية غيره: <عبَّاد هو ابن عبَّاد> بدون الواو، وفيه من وافق اسمه اسم أبيه كما نبَّهنا عليه، وفيه إنَّه من رباعيات البخاري، وفيه أنَّ رواته ما بين بَغْلاني - وبَغْلان من بلخ - وهو قُتَيْبَة، وبصري وهو عبَّاد وأبو جمرة.

قوله: (قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ القَيْسِ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَالُوا: إِنَّا هَذَا الحَيَّ مِنْ رَبيْعَةَ، وَلَسْنَا نَصِلُ إِلَيْكَ إلَّا فِي الشَّهْرِ الحَرَامِ، فَمُرْنَا بِشَيءٍ نَأخُذُهُ عَنْكَ وَنَدْعُو إِليهِ مَنْ وَرَاءَنَا، فَقَالَ: آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ وَأَنْهَاكُمُ عَنْ أَربَعٍ: الإِيمانِ بِاللهِ - ثمَّ فَسَّرَهَا لهُمْ - شَهَادَةُ ألَّا إِلَهَ إلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُوْلُ اللهِ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيْتَاءُ الزَّكَاةِ، وَأَن تُؤَدُّوا إِليَّ خُمُسَ

<<  <   >  >>