وحدَّثنا وكيع حدَّثنا سُفْيان عن عبد الكريم أبي أميَّة عن مجاهد: ((أنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ نهى أنْ يُصلَّى خلفَ النوَّامِ والمتحدِّثين))، وعبد الكريم متروك الحديث.
قال شيخنا: أورد البخاري في هذا الباب حديث عائشة أيضًا من وجهٍ آخر بلفظ آخر للإشارة إلى إنَّه قد يُفَرِّق مُفَرِّقٌ بين كونها نائمة أو يقظى، وكأنَّه أشار أيضًا إلى تضعيف الحديث الوارد في النَّهي عن الصَّلاة خلف النَّائم ذكره مجاهد وطاوس ومالك الصَّلاة إلى النَّائم خشية ما يبدو منه مما يُلهي المصلِّي عن صلاته، وظاهر تصرُّف المصنِّف عدم الكراهة حيث يحصل الأمن من ذلك. انتهى.
(١٠٤) (بَابُ التَّطَوُّعِ خَلْفَ المَرْأَةِ) أي هذا باب في بيان حكم الصَّلاة التطوُّع خلف المرأة يعني يجوز.
٥١٣ - قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يُوسُفَ) أي التِّنِّيسي.
قوله: (قَالَ: أَنْبَأَنَا مَالِكٌ) أي الإمام.
قوله: (عَنْ أَبي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ) أي بغير واو، (ابنِ عُبَيْدِ اللهِ) أي أبو النَّضْر سالم بن أبي أميَّة.
قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبدِ الرَّحمنِ) أي ابن عَوْف.
قوله: (عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إنَّها قَالَتْ: كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وَرِجْلَايَ في قِبلَتِهِ، فَإِذا سَجَدَ غَمَزَني فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ، فَإِذا قامَ بَسطْتُهُما، قالَتْ وَالبُيوتُ يَومَئِذٍ لَيسَ فِيها مَصَابِيحُ).
هذا الحديث بعينه بهذا الإسناد مرَّ في باب الصَّلاة على الفراش، غير أنَّ هناك أخرجه عن إسماعيل عن مالك، وههنا عن عبد الله بن يوسف عن مالك، قال العَيني: وقد نبهنا على ما يتعلَّق به مستوفى مستقصى، ومطابقته للترجمة ظاهرة. انتهى.
قال شيخنا: أورد فيه حديث عائشة أيضًا، ودلالة الحديث على التَّطوُّع من جهة أنَّ صلاته هذه في بيته باللَّيل، وكانت صلاته الفرائض بالجماعة في المسجد. وقال الكِرْماني: لفظ الترجمة يقتضي أن يكون ظهر المرأة إليه، ولفظ الحديث لا تخصيص فيه بالظَّهر، ثمَّ أجاب: بأنَّ السنَّة للنائم أن يتوجَّه إلى القبلة، والغالب من حال عائشة ذلك. انتهى. قال شيخنا: ولا يخفى تكلُّفه، وسنَّة ذلك للنائم في ابتداء النَّوم لا في دوامه؛ لأنَّه يتقلَّب وقد لا يشعر، والذي يظهر أنَّ معنى خلف المرأة: وراءها، فتكون هي نفسها أمام المصلِّي، لا خصوص ظهرها، ولو أراده لقال: خلف ظهر المرأة، والأصل عدم التقدير، وفي قولها: (البُيُوْتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيْهَا مَصَابِيْحُ) إشارة إلى عدم الاستقبال بها، ولا يعكر على ذلك كونه فغمزها عند السُّجود، ثمَّ يسجد مكان رجليها كما وَقَعَ صريحًا في رواية لأبي داود؛ لأنَّ الشُّغل بها مأمون في حقِّه صلَّى الله عليه وسلَّم، فمن أمن ذلك لم يكره في حقِّه.
تنبيه: الظَّاهر أنَّ هذه الحالة غير الحالة الَّتي تقدَّمت في صلاته صلَّى الله عليه وسلَّم إلى جهة السَّرير الَّتي كانت عليه؛ لأنَّه في تلك الحالة غير محتاج لأن يسجد مكان رجليها، ويمكن أن يوحِّد بين الحالتين بأن يقال: كانت صلاته فوق السَّرير لا أسفل منه، كما احتجَّ به الإسماعيلي