للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية جرير عن عاصم: (أَنْ أُخْرِجَ النَّاسَ وَأُكَلِّفَهُمْ أَنْ يَحْمِلُوا الحديث (١) مِنْ طُرُقِهِمْ إِلَى مَسْجِدِهِمْ)، قال شيخنا: وسيأتي الكلام على ما يتعلق بسقوط الجمعة بعد المطر في كتاب الجمعة إن شاء الله تعالى. انتهى.

فيه ما قاله العينيُّ: رخَّص الكلام في الأذان جماعة مستدلين بهذا الحديث، منهم أحمد بن حنبل، وحكى المنذر الجواز مطلقاً عن عروة وعطاء والحسن وقتادة، وعن النخعي وابن سيرين والأوزاعي الكراهة، وعن الثوري المنع، وعن أبي حنيفة وصاحبيه خلاف الأولى، وعليه يدل كلام الشافعي ومالك، وعن إسحاق بن راهويه: يكره إلا إن كان فيما يتعلق بالصلاة، واختاره ابن المنذر. وفيه دلالةٌ على فرضية الجمعة، قال العيني: وأبعد بعضُ المالكية حيث قال: إن الجمعةَ ليست بفرضٍ، وإنما الفرضُ الظهرُ أو ما ينوب منابه، والجماعة على خلافه.

وقال ابن التِّين: وحكى ابنُ أبي صفرةَ عن «موطأ ابن وهب» عن مالك: أنَّ الجمعةَ سنةٌ، قال: ولعله يريد: في السفر، ولا يحتج به.

وفيه: تخفيف أمر الجماعة في المطر ونحوه من الأعذار، وأنها متأكدة إذا لم يكن عذر.

وقال الكرماني: وفيه: أن يقال هذه الكلمة ـ يعني: الصلاة في الرحال ـ في نفس الأذان، قال العيني: أخذه من كلام النووي، فإنه قال هذه الكلمة، فقال: في نفس الأذان، ويرد عليه حديث ابن عمر الآتي في باب الأذان للمسافر أنها تقال بعده، ونصّ الشافعيُّ على أن الأمرين جائزان، ولكن هذا أحسنُ لئلا ينخرمَ نظمُ الأذان. وقال النووي: ومن أصحابنا من قال: لا يقوله إلا بعد الفراغ، قال: وهو ضعيفٌ مخالفٌ لصريح حديث ابن عباس. قال العينيُّ: الأمران جائزان، وبعد الفراغ أحسنُ كما ذكرنا. قال العينيُّ: وكلام النوويّ يدلُّ على أنّها تزاد مطلقاً: إما في أثناء، وإما بعده؛ لأنها بدل من الحيعلة.

قلت: حديثُ ابن عباس لم يسلكْ مسلكَ الأذان، ألا ترى أنه قال: (فَلَا تَقُلْ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، قُلْ: صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ)؟ وإنما أراد: إشعارَ الناس بالتخفيف عنهم للعذر كما فعل في التثويب الأمراء وأصحاب الولاية، وذلك لأنه ورد في حديث ابن عمر أخرجه البخاريّ وحديث أبي هريرة أخرجه ابن عدي في «الكامل» : أنه إنما يقال بعد فراغ الأذان.

(١١) (بَابُ أَذَانِ الأَعْمَى إِذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُخْبِرُهُ) أي: هذا باب في بيان حكم أذان الأعمى إذا كان عنده من يخبره بدخول الوقت؛ لأن الوقت في الأصل مبنيٌّ على المشاهدة، يعني: يجوز أذانُه حينئذٍ، وما رواه ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن مسعود وابن الزبير وغيرهما أنَّهم كرهوا أن يكون المؤذن أعمى محمولٌ


(١) كذا في الأصل، والصواب ما في ((فتح الباري)) : (الخبث).

<<  <   >  >>