للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

واقعة حال يتطرَّق إليها الاحتمال، بخلاف حديث أبي ذرٍّ فإنَّه مسوق مساق التشريع العام، وقد أشار ابن بطَّال إلى أنَّ ذلك كان من خصائصه صلَّى الله عليه وسلَّم؛ لأنَّه كان يَقدِر من مِلْكِ إربه على ما لا يَقْدِر عليه غيرُه، وقال بعض الحنابلة: يعارض حديث أبي ذرٍّ وما وافقه أحاديثُ صحيحة غير صريحة وصريحة غير صحيحة، فلا يترك العمل بحديث أبي ذرٍّ الصريح بالمحتمل، يعني حديث عائشة وما وافقه، والفرق بين المار وبين النَّائم في القبلة: أنَّ المرور حرام بخلاف الاستقرار، نائمًا كان أو غيره، فهكذا المرأة يقطع مرورها دون لُبثها. انتهى.

قوله: (لَا يَقْطَعُهَا) أي لا يقطع الصَّلاة شيء، وهذا عام مخصوص بالأمور الثلاثة الَّتي وَقَعَ النزاع فيها؛ لأنَّ القواطع في الصَّلاة كثيرة، مثل القول والفعل الكثير وغيرهما، وما من عام إلَّا وقد خُصِّص إلَّا: {وَاللهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ} [البقرة: ١٣٢] ونحوُه، فإن قلت: قوله تعالى: {اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيءٍ} [الزمر: ٦٢] عامٌّ مطلقًا أم مخصوص؟ قلت: هو مخصوص بالحادث؛ لأنَّ القرآن شيء وليس مخلوقًا، وهو تعالى يسمَّى شيئًا وليس خالقًا لنفسه، والمخصص قد يكون عقليًّا وقد يكون عُرفيًّا، فالمخصص في الآية عقليًّا. انتهى.

قوله: (أَخَبَرَنِي) من تتمَّة مقول ابن شهاب.

قوله: (وَإِنِّي لَمُعْتَرِضَةٌ) جملة اسميَّة مؤكَّدة بإنَّ واللَّام في موضع النَّصب على الحال.

قوله: (عَلَى فِرَاشِ) كذا في رواية الأكثرين، وفي رواية المُسْتَمْلي: <عَنْ فِرَاشِ> قال شيخنا: والأوَّل يقتضي أن تكون صلاته كانت واقعة على الفراش، بخلاف الثَّاني ففيه احتمال، وقد تقدَّم في باب الصَّلاة على الفراش من رواية عقيل عن ابن شهاب مثل الأوَّل. انتهى. وعلى الروايتين هو متعلِّق بـ (يقوم) مع أنَّ الرواية الأولى يحتمل تعلُّقها بلفظ (يصلِّي) أيضًا.

قال العَيني: استدلَّت بهذا الحديث عائشةُ والعلماءُ بعدَها على أنَّ المرأة لا تقطع صلاة الرجل، وفيه جواز صلاة الرجل إليها، وكرهه البعض لغير النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لخوف الفتنة بها وبذكرها واشتغال القلب بها بالنظر إليها، والنَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم منزَّه عن هذا كلِّه، مع إنَّه كان في اللَّيل والبيوت يومئذ ليست فيها مصابيح، وفيه استحباب صلاة اللَّيل، وفيه جواز الصَّلاة على الفراش.

(١٠٦) (بابُ: مَن حَمَلَ جَارِيَةً صَغِيرَةً عَلَى عُنِقِهِ) أي هذا باب في بيان من حمل جارية صغيرة على عنقه، يعني لا تفسد صلاته، وقال ابن بطَّال: أدخل البخاري هذا الحديث هنا ليدلَّ أنَّ حمل المصلِّي الجارية على العنق لا يضرُّ صلاته؛ لأنَّ حملها أشدُّ من مرورها بين يديه، فلمَّا لم يضرّ حملها كذلك لا يضرّ مرورها. قال شيخنا: وأشار إلى نحو هذا الاستنباط الشَّافعي رضي الله عنه، لكن تقييد المُصَنِّف بكونها صغيرة قد يشعر بأن الكبيرة ليست كذلك. انتهى. قال العَيني: فكذلك، أي كون حملها لا يضرُّ فكذلك مرورها. ترجم هذا الباب بهذه الترجمة، وبينه وبين الأبواب الَّتي قبله مناسبة من هذا الوجه.

٥١٦ - قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ) أي التَّنِّيسي.

قوله: (قَالَ: أَخْبَرَنا

<<  <   >  >>