للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَن يتوجه إليه الأمر والصبي ليس بمأمور، لأن القلم رُفِع عنه فلا يؤم. كذا قال. ولا يخفَى فسادُه لأنَّا نقول: المأمورُ من يَتوجهُ إليه الأمرُ من البالغين بأنهم يُقدِّمون من اتَّصَف (١) بكونه أكثرَ قرآناً، فبطل ما احتج به.

وإلى صحة إمامة الصبي ذهب أيضاً الحسنُ والشافعي وإسحاق، وكرهها مالكٌ والثوريُّ، وعن أبي حنيفة وأحمد روايتان والمشهور عنهما الإجزاء في النوافل دون الفرائض. قال العيني: وأمَّا ما نقله ابن المنذر عن أبي حنيفة وصاحبيه أنها مكروهة فلا يصح هذا النقل، وعند الشافعي في الجمعة قولان. انتهى.

قوله: (لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَؤُمُّهُمْ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ))). قال العيني: هذا تعليلٌ لجميع ما ذَكَرَ قبْلَه مِنَ: العبدِ وَوَلد البغي والأعرابيِّ والغلام الذي لم يحتلم، يعني الحديثُ لم يفرق بين المذكورين وغيرهم. قال العيني: ولكنَّ الذي يظهرُ مِن هذا أن إمامةَ أحدِ من هؤلاء إنما تجوز إذا كان أقرأ (٢) القوم، ألا ترى أن الأشعث بن قيس قدَّم غلاماً فعابوا ذلك عليه، فقال: ما قدَّمتُه ولكن قدَّمتُ القرآنَ العظيم، وقوله عليه السلام: (يَؤُمُّهُمْ (٣) أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ) تعليقٌ، وهو طرف من حديث أبي مسعود، أخرجه مسلم وأصحاب السنن بلفظ: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله) وروى أبو سعيد عنده أيضاً مرفوعاً: ((أحقُّهم بالإمامة أقرؤُهم) وعند أبي داود من حديث ابن عباس: ((وليؤمكم قراؤكم (٤))). قال شيخنا: واستُدِل بقوله: (أَقْرَؤُهُمْ) على أن إمامة الكافر لا تصح لأنه لا قراءة له.

قوله: (وَلَا يُمْنَعُ الْعَبْدُ مِنَ الْجَمَاعَةِ بِغَيْرِ عِلَّةٍ) هذه الجملة معطوفة على الترجمة، وهي من كلام البخاري وليست من الحديث المعلق، ووجهُ عدمِ منعه من حضور الجماعة لأنَّ حَقَّ الله مقدَّمٌ على حق المولى في باب العبادة، وقد وَرَد وعيدٌ شديد في ترك حضور الجماعة بغير ضرورة، أشار إليها بقوله: (بِغَيْرِ عِلَّةٍ) أي بغير ضرورة. وقال شيخنا: بغير ضرورةٍ لسيدِه، فلو قَصَدَ تفويتَ الفضيلة عليه بغير ضرورة لم يكن له ذلك، وسنذكر مستنده في الكلام على قصة سالمٍ في أول حديثَي الباب. انتهى. قال العيني: قَيْدُ السيد لا طائل تحته، لأنَّ عند الضرورة الشرعية ليس عليه الحضورُ مطلقاً، كما في حقِّ الحرِّ. انتهى.

٦٩٢ - قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ) أي أبو إسحاق الحِزامي المدني، ترجمته في باب من سُئل علماً وهو مشتغلٌ.

قوله: (قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ) أي بكسر العين المهملة وتخفيف الياء آخر الحروف، مرَّ في باب التبرز في البيوت.

قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ) أي بتصغير العبدِ العمريُّ، ترجمته في الباب أيضاً.

قوله: (عَنْ نَافِعٍ) أي مولى ابن عمر، ترجمته في باب العلم والفتيا في المسجد.

قوله: (عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ) أي عبد الله، ترجمته في كتاب الإيمان.

في هذا الإسنادِ: التحديثُ بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في ثلاث مواضع. وفيه: القول في موضعين. وفيه: أن شيخ البخاري من أفراده. وفيه: أن رواته كلُّهم مدنيون.

قوله: (لَمَّا قَدِمَ المهَاجِرُونَ الأَوَّلُونَ العُصْبَةَ - مَوْضِعاً بِقُبَاءٍ - قَبْلَ مَقْدَمِ النَّبَيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَؤُمُّهُمْ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَكَانَ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا)

مطابقته للترجمة من حيث أن فيه دلالة على جواز إمامة المولى.

هذا الحديث أخرجه أبو داود في الصلاة أيضاً عن القَعْنَبي عن


(١) في (الأصل) : ((الصف))، والصواب: ((اتصف)).
(٢) في (الأصل) : ((في))، والصواب: ((أقرأ)) كما في عمدة القاري.
(٣) في (الأصل) : ((يؤم القوم))، والصواب: ((يؤمهم)).
(٤) في (الأصل) : ((اقرؤهم))، والصواب: ((قراؤكم)) كما في سنن أبي داود.

<<  <   >  >>