قبل أن أجلس، ثمَّ صلِّيت العصر وأنا جالس إيماءً وهو يخطب. وإنَّما فعل ذلك عطاء خوفًا على نفسه.
ومنها ما رواه أبو نُعَيم شيخ البخاري في «كتاب الصلاة» من طريق أبي بكر بن عُتْبَة قال: صلِّيت إلى جنب أبي جُحَيفة، فمشى الحجَّاج للصلاة، فقام أبو جُحَيفة فصلَّى، ومن طريق أبي عُمَر: إنَّه كان يصلِّي مع الحجَّاج، فلما أخَّر الصَّلاة ترك أن يشهدها معه، ومن طريق محمَّد بن إسماعيل قال: كنت بمنى وصحفُ تُقرأ للوليد فأخَّروا الصلاة، فنظرت إلى سعيد بن جُبَير وعطاء يومئان إيماءً وهما قاعدان.
ومما يؤيِّد ما ذكرناه قولُه تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ} [مريم: ٥٩] قال أبو مسعود رضي الله عنه: أخَّروها عن مواقيتها وصلُّوها لغير وقتها.
قوله: (أَلَيْسَ) اسمه ضمير الشأن.
قوله: (أَلَيْسَ صَنَعتُمْ مَا صَنَعْتُمْ فِيْهَا؟) بصادين مهملتين والنُّون في رواية الأكثرين، وفي رواية النَّسَفي بالمعجمتين وتشديد الياء آخر الحروف، قال ابن قُرقول: رواية العُذْري: ((صنعتم)) بالصَّاد المهملة، ورواية النَّسَفي بالمعجمة والياء المُثَنَّاة من تحت، قال: والأوَّل أشبه، يريدُ ما أحدثوا من تأخيرها، قال العَيني: إلَّا إنَّه جاء في نفس الحديث ما يبين إنَّه بالضَّاد المعجمة وهو قوله: (ضيعت) في الحديث الآتي. انتهى. قال شيخنا: ورواية النَّسَفي واضحة في مطابقة الترجمة.
ويؤيِّد الأوَّل ما رواه أحمد بن حنبل عن روح عن عُثْمان بن سعد - أي الَّتي تقدَّمت آنفًا - وما رواه التِّرْمِذي من طريق أبي عِمْران الجوني عن أنس، فذكر نحو هذا الحديث وقال في آخره: أولم تصنعوا في الصَّلاة ما قد علمتم؟
وروى ابن سعد في «الطبقات» سببَ قول أَنَس هذا القول، فأخرج في ترجمة أَنَس من طريق عبد الرحمن بن العريان الحارثي: سمعت ثابتًا البناني قال: كنا مع أَنَس بن مالك، فأخرج الحجَّاج الصلاة، فقام أَنَس يريد أن يكلِّمه فنهاه إخوانه شفقةً عليه منه، فخرج فركب دابته فقال في مسيره ذلك: والله ما أعرف شيئًا مما كنا على عهد رسول الله صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم إلَّا شهادة إلَّا إله إلَّا الله، فقال رجل: فالصَّلاة يا أبا حمزة؟ قال: قد جعلتم الظُّهر عند المغرب، أفتلك كانت صلاة رسول الله صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم؟! وأخرجه ابن أبي عُمَر في «مسنده» من طريق حمَّاد عن ثابت مختصرًا.
٥٣٠ - قوله: (حَدَّثَنا عَمْرو بنُ زُرَارَةَ) أي بضمِّ الزاي وبالراءين المهملتين، مرَّ في باب: قدرُ كم ينبغي أن يكون بين المصلِّي والسترة.
قوله: (قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ وَاصِلٍ) أبو عُبَيْدة الحدَّاد أي السُّدوسي البصري، مات سنة تسع ومائة.
قوله: (عَنْ عُثْمان بنِ أَبِي رَوَادٍ أَخِي عَبْدِ العَزِيْزِ) أي بفتح الرَّاء المهملة وتشديد الواو وبالدَّال المهملة، واسمه ميمون.
قوله: (قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْري يَقُوْلُ) أي محمَّد بن مسلم بن شِهاب، قوله: (دَخَلْتُ عَلَى أَنَس بنِ مَالِكٍ بِدِمَشْقَ).
في هذا الإسناد التَّحديث بصيغة الجمع في موضع، وفيه الإخبار بصيغة الجمع في موضع، وفيه العنعنة في موضع، وفيه القول في خمس مواضع، وفيه أنَّ رواته ما بين نيسابوري وخراساني وبصري ومدني، وفيه (أخو عبد العزيز) في رواية الأكثرين، أي هو أخو عبد العزيز، وفي رواية