للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدين عن هذه المسألة فقال: يجب عليه إجابة مؤذن مسجده بالفعل. فإن قلت: روى مسلم من حديث أنس رضي الله تعالى عنه، قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغير إذا طلع الفجر، وكان يستمع الأذان، فإن سمع أذاناً أمسك وإلا أغار، قال: فسمع منادياً وهو يقول: الله أكبر الله أكبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: على الفطرة، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خرجت من النار، فنظروا فإذا هو راعي مِعزَى)).

وأخرج الطحاوي من حديث عبد الله قال: ((كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فسمع منادياً وهو يقول: الله أكبر الله أكبر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: على الفطرة، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجَ من النار، قال: فابتدرنا وإذا صاحب ماشية أدركته الصلاة فأذَّن لها)) قال الطحاوي: فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سمع المنادي نادى فقال غير ما قال، فدل ذلك على أن قوله: (إذا سمعتم منادي فقولوا مثل الذي يقول) أن ذلك ليس على الإيجاب، وأنه على الاستحباب والنَدبة إلى الخير وإجابة الفضل، كما قد علم الناس من الدعاء الذي أمرهم أن يقولوا في دبر الصلوات وما أشبه ذلك.

قال العيني: الأمر المطلق المجرد عن القرائن يدل على الوجوب، لا سيما قد تأيد ذلك بما روي من الأخبار والآثار في الحث على الإجابة، وقد روى ابن أبي شيبة في «مصنفه» عن وكيع عن سفيان عن عاصم عن المسيب بن رافع عن عبد الله قال: من الجفاء أن تسمع المؤذن ثم لا تقول مثل ما يقول، انتهى. ولا يكون من الجفاء إلا ترك الواجب، وترك المستحب ليس من الجفاء، ولا تاركه جافٍ، والجواب عن الحديثين: أنهما لا ينافي إجابة الرسول لذلك المنادي بمثل ما قال، ويكون الراوي ترك ذكره، أو يكون الأمر بالإجابة بعد هذه القضية.

قوله في هذا الحديث: (عَلى الفِطرَة) أي: على الإسلام، إذ كان الأذان شعارهم، ولهذا كان عليه السلام إذا سمع أذاناً أمسك، وإن لم يسمع أغار؛ لأنه كان فرق ما بين بلد الكفر وبلد الإسلام. فإن قلت: كيف يكون مجرد القول بلا إله إلا الله إيماناً؟ قال العيني: هو إيمان بالله في حق المشرك، وحق من لم يكن بين المسلمين، أما الكتابي أو الذي يخالط المسلمين لا يصير مؤمناً إلا بالتلفظ بكلمتي الشهادة، بل شرط بعضهم التبري مما كان عليه من الدين الذي يعتقده. وأما الدليل على ما ذهب إليه أصحابنا -أي في الحيعلتين والصلاة خير من النوم - فسنذكره في الحديث الآتي إن شاء الله تعالى.

٦١٢ - ٦١٣ - قوله: (حَدَّثَنا مُعاذُ بنُ فَضَالَةَ) أي: بضم الميم وفتح الفاء، ترجمته في باب النهي عن الاستنجاء باليمين.

قوله: (حَدَّثَنا هِشَامٌ) أي: الدستوائي، ترجمته في باب زيادة الإيمان ونقصانه.

قوله: (عَن يَحيَى بنِ أَبي كَثيرٍ) ترجمته في باب الصلوات الخمس كفارة.

قوله: (قالَ: حَدَّثَني عِيسَى بنُ طَلحَةَ بنِ عُبَيدِ اللهِ) التيمي القرشي، من أفاضل أهل المدينة، مات في زمن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ترجمته في باب الفتيا وهو

<<  <   >  >>