(٩٠)(بَابُ سُتْرَةِ الِإمَامِ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ) أي هذا باب في بيان كون سترة الإمام الذي يصلِّي وليس بين يديه جدار ونحوه سترة لمن كان يصلِّي خلفه من المصلِّين، والسُّترة -بضمِّ السِّين- ما يستتر به، والمراد ههنا عكازة، أو عصا، أو عَنَزَة ونحو ذلك، وفي بعض النسخ قبل قوله:(بَابُ سُتْرَةِ الِإمَامِ) <أبوابُ سترةِ المُصَلِّي>؛ أي هذه أبواب في بيان أحكام سترة المصلِّي، وجه المناسبة بين هذه الأبواب الَّتي قبلها من حيث إنَّ الأبواب السَّابقة في أحكام المساجد بوجوهها، وهذه الأبواب في بيان أحكام المصلِّين في غيرها، وهي خمسة أبواب متناسقة.
مطابقة هذا الحديث للترجمة ظاهرة تستنبط من قوله:(إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ)؛ لأنَّ هذا اللَّفظ مشعر بأنَّ ثمَّة سترة لأنَّ لفظة (غَيْرِ) تقع دائمًا صفة، وتقديره إلى شيءٍ غيرِ جدارٍ وهو أعمُّ من أن يكون عصًا أو عَنَزَة أو نحو ذلك. قال شيخنا: أورد في هذا الباب ثلاثة أحاديث الثَّاني والثالث منها مطابقان للترجمة لكونه صلَّى الله عليه وسلَّم لم يأمر أصحابه أن يتَّخذوا سترة غير سترته، وأمَّا الأوَّل ـ وهو حديث ابن عبَّاس ـ ففي الاستدلال به نظر؛ لأنَّه ليس فيه أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم صلَّى إلى سترة، وقد بوَّب عليه البَيْهَقي: باب من صلَّى إلى غير سترة، وقد تقدَّم في كتاب العلم في الكلام على هذا الحديث في باب متى يصحُّ سماع الصَّغير، قولُ الشَّافعي رحمه الله: أنَّ المراد بقول ابن عبَّاس: (إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ) أي إلى غير سترة. وذكرنا تأييد ذلك من رواية البزَّار، وقال بعض المتأخِّرين: قوله (إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ) لا ينفي غير الجدار، إلَّا أنَّ إخبار ابن عبَّاس عن مروره بهم وعدم إنكارهم لذلك مشعر بحدوث أمر لم يُعهد، فلو فرض هناك سترة أخرى غير الجدار لم يكن لهذا الإخبار فائدة، إذ مروره حينئذ لا ينكره أحد أصلًا.
وكأنَّ البخاري رحمه الله حمل الأمر في ذلك على المألوف المعروف من عادته