أخرى، فإنَّ الحقوق قد تتعلَّق بالله، وقد تتعلَّق بنفس العبد، وقد تتعلَّق بغيره من العباد، فأرشدهم بهذه الأمور إلى القيام بحقِّ الله وبحق النفس وبحقِّ الإخوان، فالإيمان من حقوق الله، وترك الانتباذ من حقوق النَّفس؛ فإنَّ الإنسان إذا انتبذ شرب فسكر فزال حكم عقله فصار كالبهائم الَّتي لا تعقل، وحقُّ الإخوان بإعطاء ما يستحقُّونه. انتهى.
(٣) (بَابُ البَيْعَةِ عَلَى إِقامَةِ الصَّلَاةِ) أي هذا باب في بيان البيعة على إقامة الصَّلاة.
وقوله: (إِقَامَةِ الصَّلَاةِ) بالتَّاء رواية كريمة، وفي روايةٍ غيرها: <بابُ البيعةِ على إقامِ الصَّلاةِ>، بدون التَّاء وهو الأصل.
والبيعة: المبايعة على الإسلام، وقال ابن الأثير: البيعة عبارة عن المعاقدة على الإسلام والمعاهدة، كأنَّ كلَّ واحد منهما باع ما عنده من صاحبه وأعطاه خالصة أمره.
قال شيخنا: وكان صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم أوَّل ما يشترط بعد التوحيد إقامة الصلاة؛ لأنَّها رأس العبادات البدنية، ثمَّ أداء الزكاة؛ لأنَّها رأس العبادات المالية، ثمَّ يُعلِّم كلَّ قوم ما حاجتهم إليه أمسُّ، فبايع جريرًا على النصيحة؛ لأنَّه كان سيَّد قومه، فأرشده إلى تعليمهم بأمره بالنصيحة لهم، وبايع وفدَ عبد القيس على أداء الخُمُس؛ لكونهم كانوا أهلَّ محاربة مع من يليهم من كفَّار مُضر. انتهى.
٥٢٤ - (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى) أي بفتح النُّون المشدَّدة.
قوله: (قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى) أي القطَّان.
قوله: (قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ) أي ابن خالد.
قوله: (قَيْسٌ) أي ابن أبي حازم -بالحاء المهملة والزاي- (١).
قوله: (عَنْ جَرِيْرِ بنِ عَبدِ اللهِ قالَ: بَايَعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عَلَى إِقَام ِالصَّلَاةِ، وَإِيْتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ).
مطابقته للترجمة ظاهرة، والحديث يشمل ثلاثة أشياء، والترجمة على الجزء الأوَّل منها.
وهذا الحديث بعينه مع هذا الإسناد غير محمَّد بن المثنَّى قد مضى في باب قول النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم: ((الدَّيْنُ النَّصِيْحَةُ للهِ وَلِرَسُوْلِهِ)) في آخر كتاب الإيمان، ورواه هناك عن مُسَدَّد عن يحيى، وقد ذكرنا ثمَّ ما يتعلَّق بلطائف الإسناد ومعنى الحديث وغير ذلك مُستوفىً مستقصىً.
(٤) (بَابٌ الصَّلاة كَفَّارَةٌ) أي هذا باب يذكر فيه الصَّلاة كفارةٌ، هكذا الصَّلاة كفارة في أكثر الرِّوايات، وفي رواية المُسْتَمْلي: باب تكفير الصَّلاة.
قال العَيني: الكفَّارة عبارة عن الفِعلة والخصلة الَّتي من شأنها أن تكفِّر الخطيئة، أي تسترها وتمحوها، وهي على وزن فَعَّالة بالتشديد للمبالغة كقتّالة وضرّابة، وهي من الصفات الغالبة في باب الاسميَّة، واشتقاقها من الكَفر -بالفتح- وهو تغطية الشَّيء بالاستهلاك، والتكفير مصدر من كفَّر بالتشديد.
٥٢٥ - قوله: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) أي ابن مُسَرْهَد.
قوله: (قَالَ حَدَّثَنَا يَحيَى) أي القطَّان.
قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ) أي سُلَيمان.
قوله: (قَالَ: حَدَّثَنِي شَقِيْقٌ) أي ابن سلمة الأسدي أبو وائل الكوفي.
قوله: (قَالَ: حَدَّثَنِي حُذَيْفَةُ) أي ابن اليمان رضي الله عنه.
في هذا الإسناد التَّحديث بصيغة الجمع في موضعين، وبصيغة الإفراد في الموضعين، وفيه العنعنة في موضع واحد، وفيه: <حَدَّثَنِي حُذَيْفَةُ> رواية المُسْتَمْلي، وفي رواية غيره: <سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ>، وفيه
(١) في المخطوط: (والراء) ولعل الصَّواب ما أثبت.