للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بصريان، وهما مُسَدَّد ويحيى، وكوفيان الأَعْمَش وشَقيق.

قوله: (قَالَ: كُنَّا جُلُوْسًا عِنْدَ عُمَر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَحفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فِي الفِتْنَةِ؟ قُلْتُ: أَنَا أَحْفَظُهُ كَمَا قَالَهُ، قَالَ: إِنَّكَ عَلَيْهِ أَو عَلَيْهَا لَجَرِيءٌ! قُلْتُ: فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُها الصَّلاة وَالصَّوْمُ وَالصَّدَقَةُ وَالأَمْرُ وَالنَّهْيُ. قَالَ: لَيْسَ هَذَا أُرِيْدُ، وَلَكِنِ الفَتْنَةُ الَّتي تَمُوْجُ كَمَا يَمُوْجُ البَحْرُ. قَالَ: لَيْسَ عَلَيْكَ بَأْسٌ مِنْهَا يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ؛ إِنَّ بَيْنَكَ وَبَينَهَا لَبَابًا مُغْلَقًا، قالَ: أَيُكَسَرُ أَمْ يُفتَحُ؟ قالَ: يُكْسَرُ. قَالَ: إِذًا لا يُغلَقُ أَبَدًا. قُلْنَا: أَكَانَ عُمَر يَعْلَمُ البَابَ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَمَا أَنَّ دُوْنَ الغَدِ اللَّيْلَةَ، إِنِّي حَدَّثتُهُ بِحَدِيثٍ لَيْسَ بِالأَغَالِيْطِ، فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَ حُذَيْفَةَ، فَأَمَرْنَا مَسْرُوْقًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ: البَابُ عُمَر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ).

مطابقة هذا الحديث للترجمة في قوله: (تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ).

هذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا في الزكاة عن قُتَيْبَة عن جرير، وفي علامات النبوَّة عن عُمَر بن حفص، قاله المزِّي في «الأطراف». قال العَيني: وهو وهم، وإنما أخرجه عن عُمَر بن حَفْص في الفتن، وفي الصَّوم عن علي بن عبد الله، وأخرجه مسلم في الفتن عن ابن نُمَير وأبي بكر كلاهما عن أبي معاوية، قاله المزِّي. قال العَيني: وهو وهم، إنَّما رواه مسلم من طريق أبي معاوية عن ابن نُمَير وأبي كُرَيب ومحمَّد بن المثنَّى ثلاثتهم عن أبي معاوية، فوهم في ذكره لأبي بكر وفي إسقاطه لابن المثنَّى، وأخرجه التِّرْمِذي في الفتن أيضًا عن محمود بن غيلان، وأخرجه ابن ماجَهْ فيه أيضًا عن ابن نُمَير عن أبيه وأبي معاوية كلاهما عن الأَعْمَش به.

قوله: (جُلُوْسًا) أي جالسين.

قوله: (فِي الفِتْنَةِ) وهي الخِبْرَة والإعجاب بالشيء، فَتَنَه يَفْتِنَه فَتْنًا وفُتُونًا وأَفْتَنَه. قال العَيني: وأباها الأصمعي، وقال سيبويه: فتنه جعل فيه فتنة، وأفتنه أوصل الفتنة إليه، قال: إذا قال: أفتنته فقد تعرَّض لفتن، وإذا قال: فتنه فلم يتعرَّض لفتن، وحكى أبو زيد: أُفتِن الرجلُ بصيغة ما لم يسمَّ فاعله، أي فُتِنَ.

والفتنة: الضلال والإثم، وفَتَنَ الرجلَ: أماله عما كان عليه، قال تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} [الإسراء: ٧٣]، والفتنة: الكفر، قال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حتَّى لَا تَكُوْنَ فِتْنَةٌ} [البقرة: ١٩٣]، والفتنة: الفضيحة، والفتنة: العذاب، والفتنة: ما يقع بين النَّاس من القتال، ذكره ابن سِيدَه، والفتنة: البليَّة، وأصل ذلك كلُّه من الاختبار، وإنَّه مِنْ فتنت الذهب في النَّار إذا اختبرته، وفي الغريبين: الفتنة الغلو في التأويل المظلم، وقال ابن طريف: فتنته وأفتنته، وفتِن بكسر التَّاء فتونًا: تحول من حسن إلى قبيح، وفتن إلى النِّساء وفتن فيهنَّ: أراد الفجور بهنَّ، وفي «الجمهرة» : فتنت الرجل أفتنه وأفتَنْتُه إفتانًا. وفي «الصِّحاح» قال الفرَّاء: أهل الحجاز يقولون: {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِيْنَ} [الصافات: ١٦٣]، وأهل نجد يقولون: (بِمُفْتِنِيْنَ).

وقال عياض: إنَّها الابتلاء والامتحان، قال: وقد صار في عرف الكلام لكلِّ أمر كشفه الاختبار عن سوء، وتكون في الخير والشرِّ، قال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالخَيْرِ [فِتْنَة] (١)} [الأنبياء: ٣٥].

قوله: (أَنَا [أَحْفَظُهُ] (٢) كَمَا قَالَهُ) أي أنا أحفظه كما قاله رسول الله صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم، فإن قلت:


(١) فتنة: ليست في الأصل.
(٢) أحفظه: ليس في الأصل.
قوله: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ) أي ابن سعيد.

<<  <   >  >>