للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (أَنَّ أَبَا المَلِيْحِ حَدَّثَهُ) أي عامر بن أسامة الهذلي، ترجمته في باب إثم من ترك العصر.

قوله: (قَالَ: كُنَّا مَعَ بُرَيْدَةَ) أي بضمِّ الباء الموحَّدة، ابن الحُصَيب -بضمِّ الحاء المهملة وفتح الصَّاد المهملة- الأَسْلَمي، ترجمته في الباب أيضًا.

في هذا الإسناد التَّحديث بصيغة الجمع في موضعين وفيه العنعنة في موضعين وفيه القول في ثلاثة مواضع، وفيه التَّحديث بصيغة الإفراد من الماضي في موضع.

قوله: (كُنَّا فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ فَقَالَ بِكِّرُوا بِالصَّلَاةِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صلَّى الله عَلَيْهِ وسلَّم قالَ: مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ العَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ).

هذا الحديث بعينه قد مرَّ في باب إثم من ترك العصر، غير أن هناك رواه عن مسلم بن إبراهيم عن هشام إلى آخره نحوه، وفيه لفظة زائدة، وهي: (كُنَّا مَعَ بُرَيْدَةَ فِي غَزْوَةٍ فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ)، وقد استقصينا الكلام فيه هناك، فإن قلت: الترجمة في التبكير في الصَّلاة المطلقة في يوم الغيم، والحديث لا يطابقها من وجهين: أحدهما: أنَّ المطابقة لقول بريدة لا للحديث. والثاني: أن المذكور في الحديث صلاة العصر، وفي الترجمة مطلق الصلاة.

قال العَيني: دلَّت القرينة على أنَّ قول بُرَيدة: (بَكِّرُوا بِالصَّلَاةِ) كان في وقت دخول العصر في يوم غيم، فأمر بالتبكير حتَّى لا يفوتهم بخروج الوقت بتقصيرهم في ترك التبكير، وهذا الفعل كتركهم إيَّاها في استحقاق الوعيد، ويفهم إشارته أنَّ بقيَّة الصَّلوات كذلك، لأنَّها مستوية الإقدام في الفرضيَّة، فحينئذ يفهم التطابق بين الحديث والترجمة بطريق الإشارة لا بالتصريح. انتهى. وقال شيخنا: من عادة البخاري أن يترجم ببعض ما يشتمل عليه لفظ الحديث، ولو لم يوردها بل ولو لم يكن على شرطه فلا إيراد عليه. ورُوِّينا في سنن سعيد بن مَنْصور عن عبد العزيز بن رُفَيع قال: ((بلغَنا أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: عَجِّلُوا صَلَاةَ العَصْرِ فِي يَوْمِ الغَيْمِ)) إسناده قوي مع إرساله؛ قال العَيني: ليس هنا ما يشتمل على الترجمة من لفظ الحديث ولا من بعضه، وكيف لا يورد عليه إذا ذكر ترجمة ولم يورد عليها شيئًا، ولا فائدة في ذكر الترجمة عند عدم الإيراد بشيء. انتهى. قال شيخنا: في هذا الكلام مع ما فيه من القلق غفلة عما أوردته من رواية الإسماعيلي أي المذكورة، وكان العَيني لغلبة محبَّة الاعتراض لا يتأملَّ جميع الكلام والله المستعان. انتهى.

فإن قلت: ما فائدة ذكر بريدة الحديث الذي فيه العصر مع أنَّ غيره مثله؛ قال العَيني: كان أمره بالتبكير في وقت العصر كما ذكرنا وإلا فغيره مثله، وقد روى الأوزاعي من طريق أخرى عن يحيى بن أبي كثير بلفظ: ((بَكِرُوا بِالصَّلَاةِ فِي يَوْم الغَيْم فَإِنَّهُ مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الفجْرِ حَبطَ عَمَلُهُ))؛ وأما فائدة تعيين العصر في الحديث فقد ذكرناه. انتهى.

قال شيخنا: المراد بالتبكير المبادرة إلى الصَّلاة في أوَّل الوقت وأصل التبكير فعل الشيء بكرة، والبكرة أوَّل النَّهار، ثمَّ استعمل في فعل الشيء في أوَّل وقته، وقيل: المراد تعجيل العصر وجمعها مع الظهر، ورُوي ذلك عن عُمَر قال: (إِذَا كَانَ يَوْمُ غَيْمٍ فَأَخِّرُوا الظُّهْرَ وَعَجِّلُوا العَصْر). انتهى.

(٣٥) (بَابُ الأَذَانِ بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ) أي هذا باب في بيان

<<  <   >  >>