عن آدم عنه.
قال شيخنا: وأراد بهذين التعليقين بيان اختلاف أصحاب قَتَادَة عنه في رواية هذا الحديث، ورواية شُعْبَة أتمُّ الروايات، لكن ليس فيها المناجاة. انتهى.
قوله: (وَقالَ حُمَيْدٌ عَن أَنَس عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: لَا يَبْزُقَنَّ فِي القِبْلَةِ وَلَا عَنْ يَمِيْنِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ)، أوصله البخاري أيضًا فيما تقدَّم، ولكن ليس في تلك الطريقة قوله: (وَلا عَنْ يَمِيْنِهِ).
وقال الكِرْماني: هذه تعليقات، لكنَّها ليست موقوفة على شُعْبَة ولا على قَتَادَة، يعني: بل هي مرفوعة، ويحتمل الدُّخُول تحت الإسناد السَّابق بأن يكون معناه مثلًا: حدَّثنا مسلم، حدَّثنا شُعْبَة عن قَتَادَة عن أَنَس عن النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم، قال شيخنا: وهو احتمال ضعيف بالنِّسبة لشُعْبَة؛ فإنَّ مسلم بن إبراهيم سمع منه، وباطل بالنِّسبة لسعيد؛ فإنَّه لا رواية له عنه، والذي ذكرته هو المعتمد، وكذا طريق حُمَيْد وصلها المؤلِّف في أوائل أبواب المساجد من طريق إسماعيل بن جعفر عنه، لكن ليس فيها قوله: (وَلَا عَنْ يَمِيْنِهِ).
قوله: (حَدَّثَنَا حَفْص بنُ عُمَرَ، قالَ: حَدَّثنا يَزيْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَة عَنْ أَنَس عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَالَ: اعتَدِلُوا في السُّجُوْدِ، وَلا يَبْسُطْ ذِرَاعَيهِ كَالكَلْبِ، وَإِذَا بَزَقَ فَلا يَبْزُقْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا عَنْ يَمِيْنِهِ فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبَّهُ).
مطابقته للترجمة ظاهرة، ورجاله تقدَّموا، وفي إسناده التَّحديث بصيغة الجمع في ثلاث مواضع، والعنعنة في موضعين، وفيه القول.
٥٣٢ - قوله: (اعْتَدِلُوا فِي السُّجُوْدِ) يأتي الكلام عليه في أبواب صفة الصلاة، وقال العَيني: المقصود من الاعتدال فيه: أن يضع كفَّه على الأرض ويرفع مرفقيه عنها وعن جنبيه ويرفع البطن عن الفخذ، والحكمة فيه: إنَّه أشبه بالتواضع وأبلغ في تمكين الجبهة من الأرض وأبعد من هيئات الكسالى، فإن المنبسط يشبه الكلب ويشعر حاله بالتهاون بالصلاة وقلَّة الاعتناء بها والإقبال عليها.
والاعتدال من عدلته فاعتدل، أي قوَّمته فاستقام، قاله الجَوْهري.
قوله: (وَلَا يَبْسُطْ ذِرَاعَيْهِ) بسكون الطَّاء، وفاعله مضمَر، أي المصلِّي، وفي بعض النُّسخ: ((أَحَدُكُمْ)) بإظهار الفاعل، والذِّراع: السَّاعد.
قوله: (فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبَّهُ) وفي رواية الكُشْمِيهَني: <فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ> وسأل الكِرْماني ههنا ما ملخَّصه: أنَّ فيما مضى جعل المناجاة علَّة لنهي البزاق في القدَّام فقط لا في اليمين حيث قال: (فَلَا يَبْصُقْ أَمَامَهُ فَإِنَّمَا يُنَاجِي اللهَ) وقال: (وَلَا عَنْ يَمِيْنِهِ، فَإِنَّ عَنْ يَمِيْنِهِ مَلَكًا) وأجاب: بأنَّه لا محذور بأن تعلل الشيء بعلَّتين منفردتين أو مجتمعتين؛ لأنَّ العلَّة الشرعيَّة معرّفة، وجاز تعدد المعرّفات، فعلل نهي البزاق عن اليمين بالمناجاة وبأنَّ ثمَّة ملكًا، وقال أيضًا: عادة المناجي أن يكون في القدَّام، وأجاب بأنَّ المناجي الشَّريف قد يكون قدَّامًا وقد يكون يمينًا.
(٩) (بابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الحَرِّ) أي هذا باب في بيان فضل الإبراد بصلاة الظُّهر عند شدَّة الحرِّ، وسنفسِّر الإبراد في الحديث، وإنما قدَّم باب الإبراد بالظُّهر