للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

آخر الحديث هذا الاستثناء، وأراد به قوله: (قد قامت الصلاة) مرتين، وقال الكِرْماني: قالت المالكية: عمل أهل المدينة خلفًا عن سلف على إفراد الإقامة، ولو صحَّت زيادة أيُّوب، وما رواه الكوفيون من تثنية الإقامة، جاز أن يكون ذلك في وقت ما ترك لعمل أهل المدينة على الآخر الذي استقرَّ الأمر عليه، والجواب: أن زيادة الثقة مقبولة وحجَّة بلا خلاف، وأما عمل أهل المدينة فليس بحجَّة مع أنَّه معارض بعمل أهل مكَّة، وهي مجمع المسلمين في المواسم وغيرها، وقال شيخنا: وهذا الحديث حجَّة على من زَعَمَ أنَّ الإقامة مثنى مثنى مثل الأذان، وأجاب بعض الحنفيَّة: بدعوى النسخ وأنَّ إفراد الإقامة كان أولًا، ثمَّ نسخ بحديث أبي مَحذُورَة يعني الذي رواه أصحاب السُّنن وفيه تثنية الإقامة، وهو متأخِّر عن حديث أَنَس، فيكون ناسخًا، وعورض بأنَّ في بعض طرق حديث أبي مَحذُورَة المحسَّنة التربيع والترجيع، فكان يلزمهم القول به، وقد أنكر أحمد على من ادعى النَّسخ بحديث أبي مَحذُورَة واحتجَّ ((بِأَنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّم رَجَعَ بَعْدَ الفَتْحِ إِلَى المَدِينَةِ، وَأَقَرَّ بِلَالًا عَلَى إِفْرَادِ الْإِقَامَةِ، وَعَلمَهُ سَعْد القَرَظُ فَأَذَّنَ بِهِ بَعْدَهُ)) كما رواه الدَّارَقُطْني والحاكم، قال العَيني: الذي رواه التِّرْمِذي من حديث عَمْرو بن مُرَّة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن زيد قال: ((كَانَ أَذَانُ رَسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّم شَفْعًا فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ)) حجَّة على هذا القائل بقوله، وهذا الحديث حجَّة على من زَعَمَ أن الإقامة مثنى مثنى وكذلك رواية ابن حبَّان في «صحيحه» كلُّ هذه حجَّة عليه وعلى إمامه، وأمَّا الجواب عن وجه ترك الترجيع ووجه النَّسخ فقد ذكرناه. انتهى.

وقال ابن عبد البرِّ: ذهب أحمد وإسحاق وداود وابن جرير، إلى أنَّ ذلك من الاختلاف المباح، فإن ربَّع التكبير الأوَّل في الأذان، أو ثنَّاه، أو رجَّع في التَّشهُّد أو لم يرجِّع، أو ثنَّى الإقامة أو أفردها كلَّها أو إلَّا (قدْ قامَتِ الصَّلاة) فالجميع جائز. وعن ابن خُزَيمَة: إن ربَّع الأذان ورجَّع فيه ثنَّى الإقامة، وإلا أفردها، وقيل: لم يقل بهذا التفصيل أحد قبله، والله أعلم. انتهى.

(٤) (بَابُ فَضْلِ التَّأذِينِ) أي هذا باب في بيان فضل التأذين، وهو مصدر أذَّن بالتشديد، وهو مخصوص في الاستعمال بإعلام وقت الصَّلاة، ومنه أُخذ أذان الصَّلاة، وقال الجوهري: والأذين مثله، وقد أذَّن أذانًا، وأما الإيذان فهو من آذن على وزن أفعل، ومعناه الإعلام مطلقًا، وإنَّما قال البخاري: باب فضل التأذين ولم يقل باب فضل الأذان، مراعاةً للفظ الحديث الوارد في الباب، وقال ابن المنيِّر: التأذين يتناول جميع ما يصدر عن المؤذِّن من قول وفعل وهيئة، وحقيقة الأذان تحصل بدون ذلك، قال شيخنا: كذا قال والظَّاهر أنَّ التأذين هنا أطلق بمعنى الأذان، لقوله في الحديث: (حَتَّى لا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ) وفي رواية لمسلم: ((حَتَّى لَا يَسْمَعَ صَوْتَهُ)) فالتقييد

<<  <   >  >>