الأذان، ولا يحتاج إلى نصِّ الحكم ظاهرًا، لأنَّ حديث الباب يدلُّ على أنَّ المراد ثواب رفع الصوت، فيكون تقدير كلامه: باب في بيان ثواب رفع المؤذِّن صوته عند الأذان، كما ترجم النَّسائي باب الثواب على رفع الصَّوت بالأذان.
قوله:(وَقَالَ عُمَر بنُ عَبْدِ العَزِيزِ) قلت: هو الإمام العادل الأموي القرشي، ترجمته في كتاب الإيمان رضي الله عنه.
قوله:(أَذِّنْ أذانًا سَمْحًا وإلاِّ فاعْتَزِلْنَا) مطابقة الأثر للترجمة، ما قاله الداودي: لعلَّ هذا المؤذِّن لم يكن يحسن مدَّ الصَّوت إذا رفع بالأذان فعلَّمه، وليس إنَّه نهاه عن رفع الصوت، قال العَيني: كأنَّه كان يطرَّب في صوته ويتنغم، ولا ينظر إلى مدِّ الصَّوت مجرَّدًا عن ذلك، فأمره عُمَر بن عبد العزيز بالسماحة وهي السهولة، وهي أن يسمح بترك التطريب، ويمدُّ صوته، ويدلُّ على ذلك ما رواه الدَّارَقُطْني، بسندٍ فيه لين، قال شيخنا: وفيه إِسْحاق بن أبي يحيى الكعبي، وهو ضعيف عند الدَّارَقُطْني، وابن عدي، وقال ابن حبَّان: لا تحلُّ الرواية عنه، ثمَّ غفل فذكره في الثقات من حديث ابن عبَّاس (أنه عليه السَّلام كان له مؤذِّن يطرب، فقال له عليه السلام: المؤَذِّنُ سَهْلٌ سَمْحٌ، فَإِنْ كَانَ أَذَانُكَ سَهْلًا سَمْحًا وَإِلا فَلا تُؤَذِّنْ) قال العَيني: ويحتمل أن هذا المؤذِّن لم يكن يفصح في كلامه ويغمغم، فأمره بالسماحة في أذانه، وهي ترك الغمغمة بإظهار الفصاحة، وهذا لا يكون إلَّا بمدِّ الصَّوت بحدَّة، وروى مجاشع عن هارون بن محمَّد عن نافع عن ابن عمر:(قالَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: لَا يُؤَذِّنُ لَكُمْ إلَّا فَصِيْحٌ) وقال ابن عدي: هارون هذا لا يعرف، قال شيخنا: هذا التعليق وصله ابن أبي شَيْبَة من طريق سعيد بن أبي حسن، أي عن وكيع عن سُفْيان عن عُمَر بن سعيد:(أنَّ مُؤَذِّنًا أذَّنَ فَطَرَّبَ في أذانِهِ، فقالَ لَهُ عُمَر بن عبد العزيز: أذِّن أذانًا سمحًا وإلَّا فاعتزْلنا)، ولم أقف على اسم هذا المؤذِّن، وأظنُّه من بني سعد القَرَظ، لأن ذاك وَقَعَ حيث كان عُمَر بن عبد العزيز أميرًا على المدينة، والظاهر إنَّه خاف عليه من التطريب الخروج عن الخشوع، لا إنَّه نهاه عن رفع الصوت. انتهى.
قوله:(أَذِّنْ) بلفظ الأمر من الفعل، وهو خطاب لمؤذِّنه.
قوله:(سَمْحًا) أي سهلًا بلا نغمات وتطريب.
قوله:(فاعْتَزِلْنَا) أي فاترك منصب الأذان.
٦٠٩ - قوله:(حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ) أي التِّنِّيسي، ترجمته في كتاب الوحي.
قوله:(قَالَ: أَنْبَأَنَا مَالِكٌ) أي ابن أَنَس ترجمته فيه أيضًا.
قوله:(عنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ أبي صَعْصَعَةَ الأنْصَارِيِّ ثمَّ المَازِنِيِّ) صعصعة بالمهملات المفتوحات، إلَّا العين الأولى فإنها ساكنة، والمازني بالزاي والنون، مات في خلافة أبي جعفر، ومنهم من ينسبه إلى جدِّه، واسم أبي صَعصَعة: عَمْرو بن زيد بن عَوْف بن مبذول بن عَمْرو بن غَنْم بن مازن بن النجَّار، مات أبو صَعصَعة في الجاهليَّة وابنه عبد الرحمن صحابي، روى ابن شاهين في «الصحابة»، من طريق قَيْس بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صَعصَعة عن أبيه عن جدِّه حديثًا سمعه من النَّبِيِّ صلَّى الله عليه