على ذلك بحديث جُحَيفة، وقد قدَّمنا وجه الدلالة منه، وهذا هو المعروف عند الشافعيِّة، وأن لا فرق في منع المرور بين يدي المصلِّي بين مكَّة وغيرها، واغتفر بعض الفقهاء ذلك للطائفين دون غيرهم للضرورة، وعن بعض الحنابلة: جوازُ ذلك في جميع مكَّة.
٥٠١ - قوله: (حَدَّثَنَا سُلَيمان بنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَة عَنِ الحَكَمِ) أي بفتح الحاء المهملة والكاف. (عَنْ أَبي جُحَيفَةَ) قلت: بضمِّ الجيم، وفتح الحاء المهملة، وسكون الياء آخر الحروف، وبالفاء. انتهى.
(قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالهَاجِرَةِ، فَصَلَّى بِالبَطْحَاءِ الظُّهْرَ وَالعَصْرَ رَكعَتَيْنِ، وَنَصَبَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةً وَتَوَضَّأَ، فَجَعَلَ النَّاس يَتَمَسَّحُونَ بِوَضُوئِهِ).
مطابقته للترجمة في قوله: (فَصَلَّى بالبَطْحَاءِ) لأنَّها في مكَّة، ولما كان فضاءً نُصِبَ له بين يديه عَنَزَة فصلَّى إليها. والحديث قد مرَّ في الباب الذي قبله، وفي الباب الذي فيه سترة الإمام سترة لمن خلفه، وفيه زيادة وهي قوله: (فَجَعَلَ النَّاسُ...) إلى آخره.
قوله: (بِالبَطْحَاءِ) أي بطحاء مكَّة، قلت: وقد تقدَّم تفسير البطحاء.
قوله: (رَكْعَتَيْنِ) متعلِّق بكلِّ واحد من الظهر والعصر، لا يقال: نصب العَنَزَة والوضوء قبل الصَّلاة، فكيف عكس هنا؛ لأنَّا نقول: إنَّ الواو إن كانت للعطف فلا تدلُّ على الترتيب، بل لمطلق الجمع، وإن كانت للحال فلا إيراد.
قوله: (بِوَضُوْءٍ) -بفتح الواو- والمعنى: يتمسَّحون بفضلة وضوئه، أو بالماء الذي يتقاطر حين التوضُّؤ.
(٩٥) (بابُ الصَّلاة إِلى الأُسْطُوَانَةِ) أي هذا باب في بيان استحباب الصَّلاة إلى جهة الأسطوانة إذا كان في موضع فيه أسطوانة.
و (الأُسْطُوَانَةُ) -بضمِّ الهمزة-: معروفةٌ، والنون أصليَّة، ووزنها أُفعوالة مثل أُقحوانة؛ لأنَّه يقال: أساطين مُسطنة. وقال الأَخْفَش: وزنها فُعلوانة. وهذا يدلُّ على زيادة الواو والألف والنون، وقال قوم: وزنها أُفعلانة. قال العَيني: وهذا ليس بشيء؛ لأنَّه لو كان كذلك لما جُمع على أساطين؛ لأنَّه ليس في الكلام أفاعين. قال شيخنا: الأسطوانة السَّاريةُ، -وهي بضمِّ الهمزة وسكون السِّين المهملة وضمِّ الطاء- بوزن أُفعَوانة على المشهور، وقيل: بوزن فعلوانة، والغالب إنَّها تكون من بناءٍ، بخلاف العمود فإنه من حجر واحد. قال العَيني: قيدُ الغالب لا طائل تحته، ولا نسلِّم أنَّ العمود يكون من حجر واحد؛ لأنَّه ربَّما يكون أكثر من واحد، ويكون من خشب أيضًا.
قوله: (وَقَالَ عُمَر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) أي ابن الخطَّاب، ترجمته في بدء الوحي.
قوله: (المُصَلُّونَ أَحَقُّ بِالسَّوَارِي مِنَ المتَحَدِّثِينَ إِلَيْهَا). مطابقة هذا الأثر للترجمة ظاهرة؛ لأنَّ السواري هي الأساطين،