داود وصححه ابن خزيمة: حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن زكريا بن أبي زائدة عن أبي القاسم الجدلي - أي الحسين بن الحارث المنسوب إلى جديلة قيسٍ الكوفي -، قال: (سمعت النعمان بن بشير يقول: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، على الناس بوجهه، فقال: ((أقيموا صفوفكم)) - ثلاثاً - ((والله لتقيمُنَّ صفوفَكم أو لَيخالفَنَّ الله بين قلوبكم)). فقال: فرأيت الرجل يُلزِق مَنكِبه بمنكب صاحبه وركبتَه بركبةِ صاحبه وكعبَه بكعبِه). وأخرجه ابن حبان أيضاً في «صحيحه».
قوله: ((لتُقيمُنَّ)) بضم الميم لأن أصله: لُتقيمُون، فلما دخلت عليه نون التوكيد حُذفت الواو لالتقاء الساكنين. قوله: ((أو لَيُخَالِفَنَّ الله)) اللام الأولى للتأكيد مفتوحة، والفاء مفتوحة.
قوله: (يُلْزِقُ) بضم الياء، من الإلزاق، أي يُلصِق.
قوله: (كَعْبَهُ بِكَعْبِ صَاحِبِهِ) أي يلزق كعبه بكعب صاحبه الذي بحذائه. قال شيخنا: واستُدِلَّ بحديث النعمان هذا على أن المراد بالكعب في آية الوضوء العظمُ الناتئ في جانبي الرجل وهو عند ملتقى الساقِ والقدمِ، فهو الذي يمكن أن يُلزَق بالذي بجنبه خلافًا لمن ذهب أن المراد بالكعب مؤخرُ القدم، وهو قول شاذٌّ يُنسَب إلى بعض الحنفية، ولم يُثبته محققُوهم، أثبته بعضهم في مسألة الحج لا الوضوء. وأنكر الأصمعي قولَ من زعم أن الكعب في ظهر القدم. انتهى.
٧٢٥ - قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ) أي ابن فَرُّوخ الحراني الجزري، سكن مصر، وترجمته في باب إطعام الطعام من الإيمان.
قوله: (قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ) أي ابن معاوية، ترجمته في باب الصلاة من الإيمان.
قوله: (عَنْ حُمَيْدٍ) أي الطويل، ترجمته في باب خوف المؤمن أن يحبط عمله.
قوله: (عَنْ أَنَسٍ) أي ابْنِ مَالِك، ترجمته في باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
في هذا الإسنادِ: التحديثُ بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في ثلاث مواضع. وفيه: القولُ.
قوله: (عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي، وَكَانَ أَحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ، وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ))).
مطابقته للترجمة ظاهرة، وقد تقدم الكلام على فوائده.
ورواه سعيد بن منصور عن هُشيم فصرح فيه بتحديث أنس لحميد، وفيه الزيادة التي في آخره، وهي قوله: (وَكَانَ أَحَدُنَا...) إلى آخره. وصرح بأنها من قول أنس. وأخرجه الإسماعيلي من رواية مُعتمِرٍ عن حميد بلفظ: قال أنس: فلقد رأيت أحدَنا... إلى آخره، وأفاد هذا التصريحُ أن الفعل المذكور كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم. قال شيخنا: وبهذا يتم الاحتجاج به على بيان المراد بإقامة الصف وتسويته. وزاد مُعتمر في روايته: ولو فعلتُ ذلك بأحدهم اليوم لَنَفَرَ كأنَّهُ بغل شَموس.
(٧٧) (بَابٌ: إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ، وَحَوَّلَهُ الإِمَامُ، خَلْفَهُ إِلَى يَمِينِهِ تَمَّتْ صَلَاتُهُ)
أي هذا باب ترجمته: إذا قام... إلى آخره.
وقوله: (تَمَّتْ صَلَاتُهُ) جوابُ إذا، يعني لا يَضرُّ صلاتَه.
وقوله: (خَلْفَهُ) منصوبٌ بالظرفية، أي في خلفِه، أو بنزع الخافض، أي مِن خلفِه، قال العيني: والضمير راجع إلى الإمام. قال شيخنا: تقدم أكثرُ لفظ هذه الترجمة قبل بنحوٍ من عشرين باباً لكن ليس هناك لفظ: (خَلْفَهُ)، وقال هناك: (لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُمَا) بدل قوله: (تَمَّتْ صَلَاتُهُ). وأخرج هناك حديثَ ابن عباسٍ هذا لكنْ مِن وجهٍ آخر، ولم ينبِّه أحدٌ من الشُّرَّاح على حِكمَةِ.