للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قريبًا من ثلاثة أذرع على ما إذا ركع أو سجد قال: ولم يحدَّ مالك في هذا حدًّا إلَّا إن ذلك بقدر ما يركع فيه ويسجد ويتمكَّن من دفع من يمرُّ بين يديه، وقيَّده بعض النَّاس بشبر، وآخرون بثلاثة أذرع، وبه قال الشَّافعي وأحمد، وهو قول عطاء وآخرون بستَّة أذرع. وذكر السَّفَاقُسيُّ قال أبو إِسْحاق: رأيت عبد الله بن مُغَفَّل يصلِّي بينه وبين القبلة ستة أذرع وفي نسخة ثلاثة أذرع، وفي «مُصَنَّف ابن أبي شَيْبة» بسند صحيح نحوه. وقد استقصينا الكلام في الباب السَّابق.

٤٩٧ - قوله: (حَدَّثَنَا المكَّي بنُ إِبْرَاهِيْمَ قَالَ: حدَّثنا يَزِيْدُ بنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ) هؤلاء الثلاثة قد سبقوا بهذا الإسناد في باب إثم من كذب على النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم. وسَلَمَةَ بفتح اللام هو ابن الأكوع الصحابي رضي الله عنه، وهذا من ثلاثيَّات البخاري.

قوله: (قَالَ: كَانَ جِدَارُ المَسْجِدِ عِنْدَ المِنْبَرِ مَا كَادَتِ الشَّاةُ تَجُوْزُهَا) مطابقته ظاهرة من حيث أنَّه عليه السَّلام كان يقوم بجنب المنبر؛ لأنَّه لم يكن لمسجده محراب فتكون مسافة ما بينه وبين الجدار نظير ما بين المنبر والجدار فكأنه قال: الذي ينبغي أن يكون بين المصلِّي وسترته قدر ما كان بين منبره والجدار القبلي.

قال شيخنا: وأوضح من ذلك ما ذكره ابن رُشَيْد أنَّ البخاري أشار بهذه الترجمة إلى حديث سهل بن ساعدة الذي تقدَّم في باب الصَّلاة على المنبر والخشب فإنَّ فيه أنَّه عليه السَّلام قام على المنبر حين عُمِلَ وصلَّى عليه، فاقتضى ذلك أنَّ ذكر المنبر يؤخذ منه موضع قيام المصلِّي، فإن قيل أنَّ في ذلك الحديث أنَّه لم يسجد على المنبر وإنَّما نزل فسجد في أصل المنبر، وبين أصل المنبر وبين الجدار أكثر من ممرِّ الشاة، أجيب بأنَّ أكثر أجزاء الصَّلاة قد حصل في أعلا المنبر ويحصل به المقصود، وإنَّما نزل عن المنبر؛ لأنَّ الدرجة لم تتسع لقدر سجوده، وأيضًا فإنَّه لما سجد في أصل المنبر صارت الدرجة الَّتي فوقه سترة له وهو قدر ما تقدَّم. انتهى.

والحديث أخرجه مسلم أيضًا وهو موقوف على سَلَمَةَ ولكنَّه في الأصل مرفوع، يدلُّ عليه ما رواه الإسماعيليُّ من طريق أبي عاصم عن يزيد بن أبي عُبَيْد بلفظ: ((كانَ المنبرُ على عهدِ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ليسَ بينَه وبينَ حائطِ القبلةِ إلَّا قدرَ ما مرَّ العنز)).

قوله: (المَسْجِدِ) أي مسجد النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.

قوله: (عِنْدَ المِنْبَرِ) من تتمَّة اسم كان أي الجدار الذي عند منبر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أو خبر

<<  <   >  >>