في باب لا يستقبل القبلة بغائط.
قوله: (أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيْدٍ الخُدْري رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) أي سعد بن مالك، ترجمته في باب من الدين الفرار من الفتن.
في هذا الإسناد التَّحديث بصيغة الجمع في موضعين، وبصيغة الإفراد في موضع، وفيه: العنعنة في موضعين، وفيه: السماع في موضعين، وفيه: القول في ثلاثة مواضع، وفيه: أن رواته كلُّهم مدنيُّون، وفيه: أنَّ شيخ البخاري من أفراده، وفيه: رواية التَّابعي عن التَّابعي عن الصحابي رضي الله عنه قوله: (يقولُ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ يقولُ: لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبح حتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمس ولَا صَلَاةَ بَعْدَ العَصْرِ حتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ.).
مطابقته للترجمة بطريق الإشارة لأنَّه يلزم من نفي الصَّلاة بعد الصُّبح قبل ارتفاع الشَّمس، وبعد العصر قبل غروبها أن لا يتحرَّاها في هذين الوقتين.
هذا الحديث أخرجه مسلم في الصَّلاة أيضًا عن حَرْمَلَة عن ابن وَهْب عن يُونُس؛ وأخرجه النَّسائي فيه عن عبد الحميد بن محمَّد الحرَّاني عن مَخْلَد بن يزيد وعن محمود بن خالد.
قوله: (لَا صَلَاةَ) كلمة (لا) لنفي الجنس، أي لا صلاة حاصلة بعد الصُّبح، أي بعد صلاة الصُّبح، ويقال: هذا نفي بمعنى النَّهي، والتقدير: لا تصلُّوا؛ ثمَّ قيل: إنَّ النَّهي للتحريم، والأصحُّ أنَّه للكراهة؛ وبالنظر إلى صورة نفي الجنس قال أبو طلحة: المراد بذلك كلُّ صلاة، ولا يثبت ذلك عنه؛ قال الحنفيَّة: ولا بأس أن يصلِّي في هذين الوقتين الفوائت، ويسجد للتلاوة، ويصلِّي على الجنازة.
وقال ابن دقيق العيد: صيغة النَّهي في ألفاظ الشَّارع إذا دخلت على فعل كان الأولى حملها على نفي الفعل الشرعي لا الحسي، لأنَّا لو حملناه على نفي الحسِّي لاحتجنا في تصحيحه إلى إضمار، والأصل عدَمُه؛ واذا حملناه على الشَّرعي لم يحتج إلى إضمار؛ فهذا وجه الأولوية وعلى هذا فهو نفي بمعنى النَّهي والتقدير: لا تصلُّوا.
وحكى أبو الفتح اليَعْمري عن جماعة من السَّلف أنَّهم قالوا: أن النَّهي عن الصَّلاة بعد الصُّبح وبعد العصر إنَّما هو إعلام بأنها لا يتطوَّع بعدهما، ولم يقصد الوقت بالنَّهي كما قصد به وقت طلوع ووقت الغروب، ويؤيِّد ذلك ما رواه أبو داود والنَّسائي بإسناد حسن عن علي عن النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((لَا تُصَلُّوا بَعْدَ الصُّبح وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الشَّمس نَقِيَّةً)) وفي رواية: ((مُرتَفِعَةً)) فدلَّ على أنَّ المراد بالتعدية ليس على عمومه، وإنَّما المراد وقت الطُّلوع ووقت الغروب وما قرابهما، والله أعلم.
٥٨٧ - قوله: (قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبَانَ) أي بفتح الهمزة وتخفيف الباء الموحدة، البلخي أبو بكر مستملي وكيع المعروف بحَمْدويه، مات سنة أربع وأربعين ومائتين؛ وقال بعضهم: هو محمَّد بن أبان الواسطي لا المذكور، ولكلٍّ من القولين مرجِّح، وكلاهما ثقة.
قوله: (قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ) أي محمَّد بن جعفر، ترجمته في باب ظلم دون ظلم.
قوله: (قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) أي ابن الحجَّاج، ترجمته في باب يتلو باب أمور الإيمان.