للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المختار من الصَّفْوة، وأصله: مصفيّ، فقلبت كما عُرف في موضعه، أي: من كتب التصريف.

وروى الطَّحاويُّ أيضاً من حديث أم سَلَمَة رضي الله عنها أنها قالت: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((يَا أُمَّ سَلَمَةَ، إِذَا كَانَ عِنْدَ أَذَانِ المَغْرِبِ (١) : اللَّهُمَّ (٢) عِنْدَ اسْتِقْبَالِ لَيْلِكَ، وَإِدْبَارِ نَهَارِكَ، وَأَصْوَاتِ دُعَائِكَ، وَحُضُورِ صَلَوَاتِكَ، اغْفِرْ لِيْ)) وأخرجه أبو داود، ولفظه: ((اللَّهُمَّ هَذَا إِقْبَالُ لَيْلِكَ، وَإِدْبَارُ نَهَارِكَ، وَأَصْوَاتُ دُعَائِكَ، فَاغْفِرْ لِي))، وأخرجه الطَّبرانيُّ في «الكبير» وفي آخره: ((وَكَانَتْ إِذَا تَعَارَّتْ مِنَ اللَّيْلِ تَقُولُ: رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ، وَاهْدِ السَّبِيلَ الأَقْوَمَ) وروى أبو الشيخ من حديث ابن عباس يرفعه: ((مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَبْلِغْهُ الدَّرَجَةَ وَالوَسِيلَةَ عِنْدَكَ، وَاجْعَلْنَا فِي شَفَاعَتِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، إِلَّا وَجَبَتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ)

وفيه إثباتُ الشّفاعة للأمة صالحاً وطالحاً لزيادة الثواب أو إسقاط العقاب؛ لأن لفظة (فِي) عامّةٌ، فهو حُجَّةٌ على المعتزلة حيث خصَّصوها بالمطيع لزيادة درجاته فقط.

(٩) (بَابُ الِاسْتِهَامِ فِي الأَذَانِ) أي: هذا بابٌ في بيان حكم الاستهام - أي: الإسراع - في الأذان، ومنه قوله تعالى: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [الصافات: ١٤١]. قال الخَطَّابيُّ: وإنما قيل له: الاستهام؛ لأنهم كانوا يكتبون أسماءهم على سهام إذا اختلفوا في الشيء، فمن خرج سهمُه غلب، والقرعةُ أصلٌ من أصول الشريعة في حال من استوتْ دعواهم في الشَّيء لترجِّحَ أحدهم، وفيها تطييبُ القلوب.

قوله: (وَيُذْكَرُ أَنَّ أَقْوَامًا اخْتَلَفُوا فِي الأَذَانِ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ سَعْدٌ) أي: ابن أبي وقَّاص أحد العشرة المبشرة بالجنة. هذا التَّعليقُ أخرجه سعيدُ بن منصور والبيهقيُّ من طريق أبي عُبَيد كلاهما عن هُشَيم عن عبد الله بن شُبْرمةَ، قال: تشاحَّ الناسُ في الأذان بالقادسية، فاختصموا إلى سعد بن أبي وقاص فأقرع بينهم. وهذا منقطع، وقد وصله سيفُ بن عمر في «الفتوح» والطبريُّ من طريقه عنه، عن عبد الله بن شبرمة عن شَقِيق، وهو أبو وائل، قال: فتحنا القادسيةَ صدرَ النهار، فتراجعنا وقد أصيب المؤذنُ، فذكره وزاد: فخرجتِ القرعةُ لرجلٍ منهم فأذَّن.

قوله: (فِي الأَذَانِ) أي: في منصب التَّأذين، يعني: اختلافُهم لم يكن في نفس الأذان، وإنما كان في التَّأذين، والأذانُ يأتي بمعنى التأذين، وكان ذلك عند فتح القادسية في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في سنة خمس عشرة، وكان سعدٌ يومئذٍ أميراً على الناس.

قال الصَّغّانيُّ: القادسيّةُ: قريةٌ على طريق الحاجّ على مرحلة من الكوفة، وحكى الجوهريُّ: أنَّ إبراهيم عليه السلام قدَّس على ذلك المكان، فلذلك صار منزلاً للحاج، وكان بها وقعةٌ للمسلمين مشهورةٌ مع الفرس في خلافة عمر. قال العينيُّ: وقيل: مرَّ إبراهيم عليه السلام بالقادسية، فوجد هناك عجوزاً، فغسلت رأسه، فقال: قُدِّستِ من أرض، فسُميت القادسية، وقيل: سُميت بذلك لنزول أهل فارس بها، وقادس: قرية بمروِالروذ، قال شيخنا: القادسيةُ: مكانٌ بالعراق معروفٌ، نسب إلى قادس، رجلٍ نزل به.

٦١٥ - قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ) أي: التّنيسيّ.

قوله: (قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ) أي: ابن أنس، ترجمتهما في بدء الوحي.


(١) في ((شرح معاني الآثار)) زيادة: (فقولي).
(٢) في ((شرح معاني الآثار)) زيادة: (هذا).

<<  <   >  >>