له لذلك، ليكون مكافأة لإحسانه إلينا؛ إذ لا إحسان أفضل من إحسانه إلينا، كذلك دعونا له بدرجة لا درجة أفضل منها، والله أعلم. انتهى
قال شيخنا: قوله: (الذي وعدته) بدل، أي: من قوله: (مقاما) أو عطف بيان، أو خبر مبتدأ محذوف، وليس صفة للنكرة، ووقع في رواية النسائي وابن خزيمة وغيرهما:((المقام المحمود)) فيصح وصفه بالموصول، والله أعلم. قال العيني: فإن قلت: هل يجوز أن يكون صفة للمقام؟ قلت: إن قلنا: المقام المحمود، صار علماً لذلك المقام يجوز أن يكون صفة، وإلا لا يجوز لأنه نكرة. وأما على رواية النسائي، فيجوز بلا نزاع. انتهى
قوله:(حَلَّت لَهُ شَفاعَتي) جواب مَن، ومعنى (حلت) أي: استحقت ووجبت، ويكون من الحلال؛ لأنه مَن كان الشيءُ حلالاً له كان مستحقاً لذلك، وبالعكس، ويجوز أن يكون من الحلول بمعنى النزول، وتكون اللام بمعنى على، يقال: حَلَّ يَحُل بالضم إذا نزل، ويؤيده رواية مسلم:((حلَّت عليه))، ووقع في الطحاوي من حديث ابن مسعود:((وجبت له))، ولا يجوز أن يكون من الحِل خلاف الحُرمة؛ لأنها لم تكن قبل ذلك محرمة. فإن قيل: كيف جعل ذلك ثواباً لقائل ذلك مع أنه ثبت أن الشفاعة للمذنبين؟ أجيب: بأن للنبي صلى الله عليه وسلم شفاعات متعددة، كإدخال الجنة بغير حساب، ورفع الدرجات، فيشفع لكل أحد بما يناسب حاله. ونقل القاضي عياض عن بعض شيوخه: أنه كان يرى تخصيص ذلك بمن قال مخلصاً مستحضراً إجلال النبي صلى الله عليه وسلم، لا من قصد بذلك مجرد الثواب ونحو ذلك، وهذا مجرد تحكم غير مرضي. قال شيخنا: ولو كان أخرج بالغافل اللاهي لكان أشبه، قال العيني: وفيه نظر أيضاً على ما لا يخفى. انتهى
فيه الحض على الدعاء في أوقات الصلاة حين تفتح أبواب السماء للرحمة، وقد جاء:((ساعتان لا يرد فيهما الدعاء: حضرة النداء بالصلاة، وحضرة الصف في سبيل الله)) فدلهم عليه السلام على أوقات الإجابة.
فإن قلت: هل الإتيان بهذه الألفاظ المذكورة سبب لاستحقاق الشفاعة، أو غيرها يقوم مقامها؟ قال العيني: روى الطحاوي من حديث عبد الله بن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((ما من مسلم يقول إذا سمع النداء، فيكبر المنادي فيكبر، ثم يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً رسول الله، فيشهد على ذلك ثم يقول: اللهم أعطِ محمداً الوسيلة واجعله في الأعلَين درجته، وفي المصطفَين محبَّته، وفي المقربين ذِكره إلا وجبت له شفاعتي يوم القيامة)) وأخرجه الطبراني أيضاً.
قوله:(وَاجعَلهُ) أي: واجعل له درجة في الأعلين، وهو جمع أعلى، وهو صفة مَن يعقل ههنا؛ لأن المراد منهم الأنبياء عليهم السلام، فلذلك جمع بالواو والنون، فإعرابه بالواو حالة الرفع وبالياء في حالَتي النصب والجر، وهذا مقصور، والضمة والكسرة فيه مقدرتان في حالتي النصب والجر.
قوله:(المصطفَين) بفتح الفاء جمع مصطفى، وهو أيضاً كذلك بالواو حالة الرفع وبالياء حالتي النصب والجر، والمصطفى