للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَتَأَخَّرُ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ صَلِّ، فَتَأَخَّرَ أَبُو بَكْرٍ، وَقَعَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جَنْبِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاسَ التَّكْبِيرَ).

مطابقته للترجمة في قوله: (وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاسَ التَّكْبِيرَ) وقد مر الكلام فيه مستوفى في باب حد المريض أن يشهد الجماعة، وفي باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة.

قال شيخنا: والشاهد فيه قولُه: (وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاسَ التَّكْبِيرَ)، وهذه اللفظة مفسِّرة عند الجمهور المرادَ بقوله في الرواية الماضية: (فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ)، وقد ذكر البخاري أن محاضِراً تابع عبد الله بن داود على ذلك، وسيأتي البحث في ذلك في الباب الذي بعده.

قال ابن مالك: وقع في بعض الروايات هنا: (إِنْ يَقُمْ مَقَامَكَ يَبْكِي). و (مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّي) بإثبات الياء فيهما، وهو من قبيل إجراء المعتل مجرى الصحيح والاكتفاءِ بحذف (١) الحركة، ومنه قراءةُ من قرأَ {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِي وَيَصْبِرْ} [يوسف: ٩٠].

قوله: (يُوذِنُهُ) بضم الياء من الإيذان، وهو الإعلام.

قوله: (أَسِيفٌ) أي: رقيق القلب.

قوله: (يُهَادَى) بفتح الدال، أي يمشي بين اثنين يعتمد عليهما.

قوله: (وَأَبُو بَكْرٍ) الواو فيه للحال. قال شيخنا: تنبيهٌ: سَقَط في رواية أبي زيد المروزي من هذا الإسناد إبراهيم ولا بد منه. انتهى.

قوله: (تَابَعَهُ مُحَاضِرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ) أي تابع عبدَ الله بن داود محاضرٌ عن سليمان الأعمش، ومُحاضِرٌ، بضم الميم وبالحاء المهملة وبعد الألف ضاد معجمة مكسورة وفي آخره راء: ابن الْمُوَرِّع، بضم الميم وفتح الواو وكسر الراء: الهمداني الكوفي، مات سنة ست ومئتين (٢).

(٦٨) (بَابٌ: الرَّجُلُ يَأْتَمُّ بِالإِمَامِ وَيَأْتَمُّ النَّاسُ بِالْمَأْمُومِ)

أي هذا باب في بيان حكم الرجل الذي يقتدي بالإمام ويقتدي الناس بالمأموم الذي اقتدى بالإمام.

قال ابن بطال: هذا يوافق قولَ مسروق والشعبي: إن الصفوف يؤمُّ بعضُها بعضاً خلافاً للجمهور. قال شيخنا: وليس المرادُ أنهم يأتمُّون بهم في التبليغ فقط كما فهمه بعضُهم بل الخلاف معنوي، لأنَّ الشعبي قال: ومن أحرم قبل أن يرفع الصفُّ الذي يليه رؤوسَهم من الركعة إنه أدركها ولو كان الإمام رَفَع قبل ذلك، لأن بعضَهم لبعض أئمةٌ. انتهى.

فهذا يدُلُّ على أنه يرى أنهم يتحملون عن بعضِهم بعضاً ما يتحمله الإمامُ، وأثر الشعبي الأول وصله عبد الرزاق والثاني وصله ابن أبي شيبة، ولم يفصِح البخاري باختياره في هذه المسألة لأنه بدأ بالترجمة الدالة على أن المراد بقوله: (وَيَأْتَمُّ النَّاسُ بِأَبِي بَكْرٍ) أي أنه في مقام المبلغ، ثم ثنى بهذه الرواية التي أطلق فيها اقتداء الناس بأبي بكر ورجح ظاهرها بظاهر الحديث المعلق، فيحتمل أن يكون يذهب إلى قول الشعبي ويرى أن قوله في الأولى (يُسْمِعُ النَّاسَ التَّكْبِيرَ) لا ينفي كونهم يأتمون به، لأن إسماعه لهم التكبير جزءٌ من أجزاء ما يأتمُّون به فيه، وليس فيه نفيٌ لغيرِه، ويؤيد ذلك روايةُ الإسماعيلي من طريق عبد الله بن داودَ المذكور ووكيعٍ جميعاً عن الأعمش بهذا الإسناد، قال فيه: (وَالنَّاسُ يَأْتَمُّونَ بِأَبِي بَكْرٍ وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُهُمْ).

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((ائْتَمُّوا بِي وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ))). هذا التعليقُ طرفٌ من حديث أبي سعيد الخدري خرَّجه مسلم في «صحيحه» عن الدارمي حدثنا محمد بن عبد الله الرقاشي حدثنا بشر بن منصور عن الجُرَيري عن أبي نضرة عن أبي سعيد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في أصحابه تأخراً،


(١) في (الأصل) : ((محدو))، والصواب: ((بحذف)).
(٢) في (الأصل) : ((وثمانين))، والصواب: ((ومئتين)).

<<  <   >  >>