للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

((لم يَظهَرِ الفَيءُ مِن حُجرَتِها) وفي لفظ: ((وَالشَّمسُ طالِعَةٌ في حُجرَتي)) فافهم.

قال شيخنا: زاد عبد الرزَّاق في «مصنَّفه» عن الزُّهْري في هذه القصة، قال: فلم يزل عُمَر يُعَلِّمُ الصَّلاة بعلامة حتَّى فارق الدنيا. ورواه أبو الشيخ في كتاب «المواقيت» له من طريق الوليد عن الأوزاعي عن الزُّهْري قال: ما زال عُمَر بن عبد العزير يتعلم مواقيت الصَّلاة حتَّى مات. ومن طريق إسماعيل بن حكيم: أنَّ عُمَر بن عبد العزير جعل ساعاتٍ ينقضين مع غروب الشمس. زاد من طريق ابن إِسْحاق عن الزهري: فما أخَّرها حتَّى مات. وكلُّه يدل على أنَّ عُمَر لم يكن يحتاط في الأوقات كثير احتياط إلَّا بعد أن حدَّثه عُرْوَة بالحديث المذكور، والله أعلم.

تنبيه: ورد في هذه القصَّة من وجه آخر عن الزُّهْري بيانُ أبي مسعود للأوقات، وفي ذلك ما يرفع الإشكال، ويوضح توجيه احتجاج عُرْوَة بالحديث، فروى أبو داود وغيره وصحَّحه ابن خُزَيمَة وغيره من طريق ابن وَهْب، والطَّبَراني من طريق يزيد بن أبي حبيب كلاهما عن أسامة بن زيد عن الزُّهْري هذا الحديث بإسناده وزاد في آخره: قال ابن مسعود: ((فرأيت رسول الله صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم يصلِّي الظهر حين تزول الشَّمس)) فذكر الحديث. وذكر أبو داود أنَّ أسامة بن زيد تفرَّد بتفسير الأوقات فيه، وأنَّ أصحاب الزُّهْري لم يذكروا ذلك. قال: وكذا رواه هشام بن عُرْوَة وحبيب بن أبي مرزوق عن عُرْوَة لم يذكرا تفسيرًا. انتهى. ورواية هشام أخرجها سعيد بن مَنْصور في «سُنَنِهِ»، وقد وجدت ما يعضد رواية أسامةَ ويزيدُ عليها أنَّ البيان من فعل جبريل، وذلك فيما رواه البَاغَنْدي في «مسند عُمَر بن عبد العزيز» والبَيْهَقي في «السُّنَن الكبرى» من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري عن أبي بكر بن حزم إنَّه بلغه عن أبي مسعود، فذكره منقطعًا، لكن رواه الطبراني من وجه آخر عن أبي بكر عن عروة، فرجع الحديث إلى عُرْوَة ووضح إنَّه له أصلًا، وأن في رواية مالك ومن تابعه اختصارًا، وبذلك جزم ابن عبد البرِّ، وليس في رواية مالك ومن تابعه ما ينفي الزيادة المذكورة، فلا توصف والحالة هذه بالشذوذ. وقد روى سعيد بن مَنْصور من طريق طَلْق بن حبيب مرسلًا قال: ((إن الرجلَ ليُصلِّي الصَّلاة وفاتَته، ولَمَا فاتَه من وقتِها خيرٌ له مِن أهلِه ومالِه)) ورواه أيضًا عن ابن عُمَر من قوله، ويؤيِّد ذلك احتجاج عُرْوَة بحديث عائشة في كونه صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم كان يصلِّي العصر والشَّمس في حجرتها، وهي الصَّلاة الَّتي وَقَعَ الإنكار بسببها. انتهى.

(٢) (بابُ {مُنِيْبِيْنَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوْهُ وَأَقِيْمُوا الصَّلاة وَلَا تَكُوْنُوا مِنَ المُشْرِكِينَ} [الروم: ٣١]) أي هذا باب. فبابٌ بالتنوين خبر مبتدأ محذوف، وهكذا هو في رواية أبي ذرٍّ، وفي رواية غيره: بابُ قوله تعالى بالإضافة، ثمَّ الكلام في هذه الآية على أنواع:

الأوَّل: أنَّ هذه الآية الكريمة من سورة الروم، وقبلها قوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلْدِّيْنِ حَنِيْفًا فِطْرَتَ اللهِ} [الروم: ٣٠] الآية.

الثاني: في معناها وإعرابها، فقوله: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلْدِّيْنِ} [الروم: ٣٠] أي قوِّم وجهك له غير ملتفتٍ يمينًا وشمالًا، قاله الزمخشري، وعن الضَّحَّاك والكلبي: أي أقم عملك.

قوله: (حَنِيْفًا) أي مسلمًا، قاله الضحَّاك، وقيل:

<<  <   >  >>