انتهى، واستدل به ابن بطال على صحة صلاة المنفرد خلف الصف خلافاً لأحمد؛ لأنه لما ثبت ذلك للمرأة كان للرجل أولى. انتهى، قال شيخنا: لكن لمخالفه أن يقول: إنما ساغ ذلك لامتناع أن تصف مع الرجال بخلاف الرجل؛ فإن له أن يصف معهم وأن يزاحمهم وأن يجذب رجلاً من حاشية الصف فيقوم معه، فافترقا.
واستُدل بقوله: (فَصَفَفتُ أَنا واليَتيمُ وراءَه) على أن السنة في موقف الاثنين أن يصفّا خلف الإمام خلافاً لمن قال من الكوفيين: إن أحدهما يقف عن يمينه والآخر عن يساره، وحجَّتهم في ذلك حديث بن مسعود الذي أخرجه أبو داود وغيره عنه أنه أقام علقمة عن يمينه والأسود عن شماله، وأجاب عنه ابن سيرين: بأن ذلك كان لضيق المكان، رواه الطحاوي. انتهى، قال العيني: القائل بذلك من الكوفيين هو أبو يوسف، فإنه قال: الإمام يقف بينهما؛ لما روى الترمذي في «جامعه» عن ابن مسعود: أنه صلى بعلقمة والأسود فقام بينهما. وأما عند أبي حنيفة ومحمد فإنه يتقدم على الاثنين؛ لما في حديث أنس المذكور، وأُجيب عن حديث ابن مسعود بثلاثة أجوبة:
الأول: أن ابن مسعود لم يبلغه حديث أنس.
الثاني: أنه كان لضيق المكان، رواه الطحاوي عن ابن سيرين أنه قال: الذي فعله ابن مسعود كان لضيق المسجد أو لعذر آخر، لا على أنه السنة.
والثالث: ما ذكره البيهقي في كتاب «المعرفة» : ((أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وأبو ذر عن يمينه وكل واحد يصلي لنفسه، فقام ابن مسعود خلفهما، فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم بشماله))، فظن ابن مسعود أن ذلك سنة الموقف، ولم يعلم أنه لا يؤمُّهما، وعلمه أبو ذر رضي الله عنه حتى قال: يصلي كل رجل منّا لنفسه.
وقال الخطابي: اختلف أهل العلم فيمن صلى خلف الصف وحده، فقالت طائفة: صلاته فاسدة على ظاهر حديث أبي هريرة الذي رواه الطبراني في «الأوسط» : ((أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي خلف الصف وحدَه فقال له: أعد صلاتك))، هذا قول النخعي وأحمد وإسحاق، وقال ابن حزم: صلاة المنفرد خلف الصف وحده باطلة، لما في حديث وابصة بن معبد، أخرجه ابن حبان في «صحيحه» : ((صلى رجل خلف الصف فقال له عليه السلام: أعد صلاتك؛ فإنه لا صلاة لك)) وفي حديث علي بن شيبان: ((استقبل صلاتك))، وفي لفظ: ((أعد صلاتك؛ فإنه لا صلاة لمنفرد خلف الصف وحده)). وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: صلاة المنفرد خلف الإمام جائزة.
وأجيب عن حديث أبي هريرة: بأن الأمر بالإعادة على الاستحباب دون الإيجاب، وعن حديث وابصة: أنه لم يثبته جماعة، وفيه اضطراب، قاله أبو عمر. وقال الشافعي: في سنده اختلاف، وعن حديث ابن شيبان: أن رجاله غير مشهورين، وعن الشافعي: لو ثبت هذا لقلت به.
قال شيخنا: وباقي مباحثه تقدمت في باب الصلاة على الحصير انتهى
(٧٩) (بابُ مَيمَنَةِ المسجِدِ وَالإِمامِ) أي: هذا باب في بيان أن ميمنة المسجد والإمام هي مكان المأموم إذا كان وحدَه.
٧٢٨ - قوله: (حَدَّثَنا مُوسَى) أي: إسماعيل التبوذكي، ترجمته في بدء الوحي.
قوله: (قالَ: حَدَّثَنا ثابتُ بنُ زَيدٍ) أي: بالثاء المثلثة في أوله، ويقال: ابن يزيد، قال العيني: والأول