للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال شيخنا: انظر تحامله في قول الكِرْماني وقوله: لم يجزم الكِرْماني إلى آخره، فإذا لم يكن قول القائل: قال فلان كذا جزمًا بالنقل عن فلان مع عدم تجويز شيء آخر، فما هو الجزم؟!. انتهى.

قوله: (هِيَ العِشَاءُ) -بكسر العين وبالمدِّ- وهو من المغرب إلى العتمة، وقيل: من الزوال إلى طلوع الفجر، قال شيخنا: سرُّ النَّهي عن موافقتهم على ذلك: أنَّ لفظة العشاء لغة وهو أوَّل ظلام الليل، وذلك من غيبوبة الشَّفق، فلو قيل للمغرب عشاء لأدى ذلك إلى أنَّ أوَّل وقتها غيبوبة الشفق.

فائدة: لا يتناول النَّهي تسمية المغرب عشاءًا على سبيل التغليب كمن قال مثلًا: صلِّيت العشاءين، إذا قلنا: إنَّ حكمة النَّهي عن تسمِّيتها عشاءًا خوفُ اللبس؛ لزوال اللبس في الصيغة المذكورة، والله أعلم.

تنبيه: أورد الإسماعيلي حديث الباب من طريق عبد الصَّمد بن عبد الوارث عن أبيه، واختلف عليه في لفظ المتن، فقال هارون الحمَّال عنه لرواية البخاري، قلت: وكذلك رواه أحمد بن حنبل في «مسنده»، وأبو خَيثَمَة زُهَير بن حرب عند أبي نُعَيم في «مستخرجه» وغير واحد عن عبد الصَّمد، وكذلك رواه ابن خُزَيمَة في «صحيحه» عن عبد الصَّمد بن عبد الوارث عن أبيه، وقال ابن مسعود الرَّاوي عن عبد الصَّمد: ((لا يغلبنَّكم الأعرابُ على اسمِ صلاتِكم، فإنَّ الأعرابَ تسمِّيها عتمة))، وكذلك رواه علي بن عبد العزيز البَغَوي عن أبي مَعْمَر شيخ البخاري فيه أخرجه الطَّبَرَاني عنه، وأخرجه أبو نُعَيم في «مستخرجه» عن الطَّبَرَاني كذلك، وجنح الإسماعيلي إلى ترجيح رواية أبي مسعود لموافقته حديث ابن عمر، يعني الذي رواه مسلم كما سنذكره في صدر الباب الذي يليه، والذي يتبيَّن لي أنهما حديثان أحدهما في المغرب والآخر في العشاء كانا جميعًا عند عبد الوارث بسند واحد، والله أعلم.

قلت: فيه سدُّ الذريعة خوفًا من اللَّبس، وفيه مراعاة العرف الشَّرعي وإن خالفه العرف اللُّغوي. انتهى.

(٢٠) (بَابُ ذِكْرِ العِشَاءِ وَالعَتَمَةِ وَمَنْ رَآهُ وَاسِعًا) أي هذا باب في بيان ذكر العشاء والعتمة في الآثار، ومَن رأى إطلاق اسم العتمة على العشاء واسعًا، أي جائزًا.

قال شيخنا: غاير المصنِّف بين هذه الترجمة والتي قبلها مع أنَّ سياق الحديثين الواردين فيهما واحد، وهو النَّهي عن غلبة الأعراب عن التسميتين؛ وذلك لأنَّه لم يثبت عن النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم إطلاق اسم العشاء على المغرب، وثبت عليه إطلاق اسم العتمة على العشاء، فتصرَّف المُصَنِّف في الترجمة بحسب ذلك، والحديث الذي ورد في العشاء أخرجه مسلم من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن عُمَر بلفظ: ((لا يغلبنَّكم الأعرابُ على اسمِ صلاتِكم؛ فإنَّها في كتابِ الله العشاء، وإنَّكم تعتمون بخلاف الإبل))، ولابن ماجَهْ نحوه من حديث أبي هريرة وإسناده حسن، ولأبي يعلى والبَيْهَقي من حديث عبد الرحمن بن عَوْف كذلك، زاد الشَّافعي في روايته في حديث ابن عمر:

<<  <   >  >>