للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(أَوْ قَالَ: مُؤَخِّرَتِهِ) في ضبطه وجوه، الأوَّل: بضمِّ الميم وكسر الخاء وهمزة ساكنة، قاله النَّوَوي. والثاني: بفتح الهمزة وفتح الخاء المشدَّدة. والثالث: إسكان الهمزة وتخفيف الحاء. وقال أبو عُبَيْد: يجوز كسر الخاء وفتحها. وأنكر ابن قُتَيْبَة الفتح، وقال ابن مكِّي: لا يقال مُقدِّم ومُؤخِّر بالكسر إلَّا في العِير خاصَّة، وأما في غيرها فلا يقال إلَّا بالفتح فقط. وقال الجَوْهَري: مؤخِّرة الرَّحل لغة في آخرته. وقال ابن التِّين: رُوِّيناه بفتح الهمزة وتشديد الخاء وفتحها. وقال القُرْطُبي: مؤخِّرة الرَّحل هو العود الذي يكون في آخر الرَّحل، بضمِّ الميم وكسر الخاء. والرابع: روى بعضهم بفتح الهمزة وتشديد الخاء.

قوله: (وَكَانَ ابنُ عُمَر يَفعَلُهُ) مقول نافع، والضَّمير المنصوب في (يَفْعَلُهُ) يرجع إلى كلِّ واحد من التَّعريض والتَّعديل اللذين يدلُّ عليهما قوله: (يُعَرِّضُ)، وقوله: (فَيُعْدِّلَهُ) من قبيل قوله تعالى: {اعدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: ٨] أي العدل أقرب للتَّقوى، فافهم.

قال الخطَّابيُّ: فيه دليل على جواز السترة بما يثبت من الحيوان. وقال ابن بطَّال: وكذلك تجوز الصَّلاة إلى كلِّ شيء طاهر. وقال القُرْطُبي: في هذا الحديث دليل على جواز الستر بالحيوان، ولا يعارضه النَّهي عن الصَّلاة في معاطن الإبل؛ لأنَّ المعاطن مواضع إقامتها عند الماء، وكراهة الصَّلاة حينئذ عندها إما لشدَّة نتنها، وإما لأنَّهم كانوا يتخلَّون بها متسترين بها. وقيل: علَّة النَّهي في ذلك كون الإبل خلقت من الشياطين. قال شيخنا: تقدَّم ذلك، فيحمل على ما وَقَعَ منه في السَّفر في الصَّلاة إليها على حالة الضرورة، ونظير صلاته إلى السَّرير الذي عليه المرأة لكون البيت كان ضيقًا، وعلى ذلك فقول الشَّافعي في «البُوَيطي» : لا يستتر بامرأة ولا دابة، أي في حال الاختيار، وروى عبد الرزَّاق عن ابن عُيَيْنَة عن عبد الله بن دينار: أنَّ ابن عُمَر كان يكره أن يصلِّي إلى بعير إلَّا وعليه رحل، وكأنَّ الحكمة في ذلك: إنَّها في حال شدِّ الرحل عليها أقرب إلى السُّكون من حال تجريدها.

تكملة: اعتبر الفقهاء مؤخِّرة الرَّحل في مقدار أقلِّ السترة، واختلفوا في تقديرها بفعل ذلك، فقيل: ذراع، وقيل: ثلثا ذراع وهو أشهر، لكن في «مصنَّف عبد الرزَّاق» عن نافع: أنَّ مؤخِّرة رحل ابن عُمَر كانت قدر ذراع. انتهى. وقد مرَّ الكلام فيه مستوفى في باب الصَّلاة في مواضع الإبل.

(٩٩) (بَابُ الصَّلاة إِلَى السَّرِيْرِ) أي هذا باب في بيان حكم الصَّلاة إلى السرير، ومراده: على السَّرير؛ لأنَّ لفظ الحديث: (فَيَتَوَسَّطُ السَّرير فَيُصَلِّي) فهذا يدلُّ على أنَّه يصلِّي على السَّرير، على أنَّ في بعض النُّسخ: ((بَابُ الصَّلاة عَلَى السَّرِيْرِ)) نبَّه عليه الكِرْماني وقال: حروف الجرِّ يقام بعضها مقام البعض، فإن قلت: قوله: (فَيَتَوَسَّطُ السَّرِيْرَ) يشمل ما إذا كان فوقه أو أسفل منه؟ قلت: لا نسلِّم ذلك؛ لأنَّ معنى قوله: (فَيَتَوَسَّطُ السَّرِيْرَ) : يجعل نفسه في وسط السَّرير، فإن قلت: ذكر البخاري في الاستئذان حديث الأَعْمَش عن مسلم

<<  <   >  >>