قوله: (عَنْ عُبَيدِ اللهِ عَنْ نافِعٍ عَنِ ابنِ عُمَرَ) تقدَّم التنبيه عليهم في السند السابق.
في هذا الإسناد: التَّحديث بصيغة الجمع في موضعين، والعنعنة في ثلاث مواضع.
قوله: (عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم: أنَّه كَانَ يُعَرِّضُ رَاحِلَتَهُ فَيُصَلِّي إِلَيهَا، قُلْتُ: أَفرَأَيتَ إِذا هَبَّتِ الرِّكَابُ؟ قَالَ: كَانَ يَأخُذُ الرَّحْلَ فَيُعَدِّلَهُ لِيُصَلِّيَ إِلى آخِرَتِهِ، أَوْ قَالَ: مُؤَخِّرَتِهِ، وَكَانَ ابنُ عُمَر يَفعَلُهُ).
مطابقته للترجمة في قوله: (يُعَرِّضُ (١) رَاحِلَتَه فَيُصَلِّي إِلَيْهَا) وفي قوله: (كَانَ يَأْخُذُ الرَّحْلَ...) إلى آخره، وأمَّا ذكر البعير والشَّجر في الترجمة فقد ذكرنا وجهه آنفًا.
والحديث أخرجه مسلم أيضًا في الصَّلاة عن أحمد بن حنبل ولفظه: ((آخِرَةَ الرَّحْلِ))، وأخرجه أيضًا من حديث أبي ذرٍّ وأبي هريرة، وأخرج النَّسائي من حديث عائشة: ((سُئِلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم في غزوة تبوك عن سُترة المصلِّي فقال: مِثلُ مُؤخِّرة الرَّحْلِ)).
قوله: (يُعَرِّضُ) -بتشديد الرَّاء- من التعريض، أي يجعلها عرضًا.
قوله: (قُلْتُ: أَفَرَأَيْتَ) هكذا هو في روايتنا وشرح شيخنا لكن وَقَعَ في خطِّ العيني: ((أَفَرَأَيْتَ)) بدون قول الرَّاوي، قلت: وهو قال: ((فيُصَلِّي إليها، أَفَرَأَيْتَ)) ثمَّ قال: الفاء عاطفة على مقدَّر بعد الهمزة، أي أرأيت في تلك الحالة، فرأيت في هذه الحالة الأخرى، والمعنى: أخبرني عن هذه، وفي بعض النُّسخ: ((أَرَأَيْتَ)) بدون الفاء.
فإن قلت: من السَّائل هنا ومن المسؤولُ؟ أُجيبَ: الذي يدلُّ عليه الظَّاهر إنَّه كلام نافع وهو السَّائل، والمسؤول عنه هو ابن عُمَر، ولكن وَقَعَ في رواية الإسماعيلي من طريق عُبَيْدَة بن حُمَيْد عن عُبَيْد الله بن عُمَر: إنَّه كلام عُبَيْد الله، والمسؤول نافع، فعلى هذا يكون هذا مرسلًا؛ لأنَّ فاعل (يَأْخُذُ) هو النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ولم يدركه نافع.
قوله: (إِذَا هَبَّتِ الرِّكَابُ) هَبَّت بمعنى: هاجت وتحرَّكت، يقال: هَبَّ الفَحل إذا هاج وتحرَّك، وَهْب البعير في السير إذا نشط، وقال ابن بطَّال: هَبَّت، أي زالت عن موضعها وتحرَّكت، يقال: هَبَّ النَّائم من نومه إذا قام. وقيَّده الأَصِيلي بضمِّ الهاء، قال العَيني: والفتح أصوب. والرِّكَابُ -بكسر الرَّاء وتخفيف الكاف- الإبل الَّتي يُسار عليها، والواحدة الراحلة، ولا واحد لها من لفظها، والجمع: الرُّكُبُ مثل الكتب.
قوله: (فَيُعَدِّلُهُ) من التعديل: وهو تقويم الشيء، يقال: عدَّلته فاعتدل، أي قوَّمته فاستقام، والمعنى: يقيمه تلقاء وجهه؛ لأنَّ الإبل إذا هاجت شوَّشت على المصلِّي لعدم استقرارها، فحينئذ كان عليه السَّلام يعدل عنها إلى الرحل فيجعله سترة. قال شيخنا: (فَيَعْدِلُهُ) بفتح أوَّله وسكون العين وكسر الدال، أي يقيمه تلقاء وجهه، ويجوز التشديد. قال العَيني: الصَّواب ما ذكرناه؛ لأنَّه من باب فَعَّل بالتشديد، لكنَّه يأتي بمعنى فَعَل بالتخفيف، كما يقال: زِلْتُه وزَيَّلتُه، وكلاهما بمعنى: فَرَّقْتُه.
قوله: (إِلى آخِرَتِهِ) بفتح الهمزة والخاء والراء بلا مد، أي يصلِّي إلى آخرةِ الرحل، ويجوز المدُّ في الهمزة ولكن بكسر الخاء، وهي الخشبة الَّتي يستند إليها الراكب.
قوله:
(١) في المخطوط: ((فيعرض)) والمثبت هو الموافق لما في الحديث.