عن مَسْروق عن عائشة: ((كَانَ يصلِّي والسَّرير بَيْنَه وَبَيْنَ القِبْلَةِ)) فهذا يبيِّن أنَّ المراد من حديث الباب: أسفل السَّرير؟ قلت: لا نسلِّم ذلك؛ لاختلاف العبارتين مع احتمال كونهما في الحالتين، فإذا علمت هذا علمت أنَّ قول الإسماعيلي: بأنَّه دالٌّ على الصَّلاة على السَّرير لا إلى السَّرير غيرُ وارد، يظهر ذلك بالتأمُّل، قاله العَيني.
وقال شيخنا: ولا حاجة إلى الحمل المذكور؛ فإنَّ قولها: (فَيَتَوَسَّطُ السَّرِيْرَ) يشمل ما إذا كان فوقه أو أسفل منه، وقد بان من رواية مَسْروق عنها أنَّ المراد الثَّاني.
٥٠٨ - قوله: (حَدَّثَنا عُثْمان بنُ أَبي شَيْبَةَ) أي عُثْمان بن محمَّد بن أبي شَيْبَة، واسم أبي شَيْبَة: إبراهيم بن عثمان، أبو الحسن العَبْسي الكوفي، أخو أبي بكر بن أبي شيْبَة، مات في المحرَّم سنة تسع وثلاثين ومائتين، وهو أكبر من أبي بكر بثلاث سنين، قلت: أعاد العَيني ترجمة عُثْمان هذا، وقد تقدَّمت في باب مَن جعل لأهل العلم يومًا معلومًا.
قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيْرٌ) أي -بفتح الجيم- ابن عبد الحميد الرَّازي، كوفي الأصل، ترجمته في باب من جعل لأهل العلم أيَّامًا أيضًا.
قوله: (عَنْ مَنْصُورٍ) أي ابن المُعتَمِر السُّلَمي الكوفي، ترجمته في الباب أيضًا.
قوله: (عَنْ إِبرَاهِيْمَ) أي ابن يزيد النَّخَعي الكوفي، ترجمته في باب ظلم دون ظلم، في كتاب الإيمان.
قوله: (عَنِ الأَسْوَدِ) أي ابن يزيد النَّخَعي الكوفي، خال إبراهيم المذكور، ترجمته في باب من ترك بعض الاختيار في كتاب العلم.
قوله: (عَنْ عَائِشَةَ) أي أمُّ المؤمنين رضي الله عنها، ترجمتها في بدء الوحي.
في هذا الإسناد: التَّحديث بصيغة الجمع في موضعين، والعنعنة في أربع مواضع، وفيه القول، وفيه أنَّ رواته كوفيُّون، وفيه رواية التَّابعي عن التَّابعي عن الصحابية.
قوله: (قَالَتْ: أَعَدَلْتُمُوْنَا بِالكَلْبِ والحِمَارِ؟! لَقَد رَأَيْتُني مُضْطَجِعَةً عَلى السَّريرِ، فَيَجِيءُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَتَوسَّطُ السَّرير فَيُصَلِّي، فَأَكرَهُ أَنْ أَسْنَحَهُ، فَأَنْسَلُّ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيِ السَّرِيرِ حتَّى أَنْسَلَّ مِنْ لِحَافِي).
وجه مطابقته للترجمة قد ذكرناه الآن، وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا بعد خمسة أبواب عن عُمَر بن حَفْص بن غياث عن أبيه عن الأَعْمَش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة، وأخرجه مسلم في الصَّلاة أيضًا عن إِسْحاق بن إبراهيم عن جرير، وأخرجه أيضًا فيه عن عَمْرو الناقد وأبي سعيد الأشج وعمر بن حَفْص بن غياث به.
قوله: (أَعَدَلْتُمُوْنَا) الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الإنكار، أي لِمَ عدلتمونا؟ وقالت ذلك حيث قالوا: يقطع الصَّلاة الكلب والحمار والمرأة.
قوله: (لَقَدْ رَأَيْتُنِي) -بضمِّ التَّاء المُثَنَّاة من فوق- وقال الكِرْماني: ((رَأَيْتَني)) بلفظ المتكلِّم، وكون ضميري الفاعل والمفعول عبارتين عن شيء واحد من جملة خصائص أفعال القلوب، قال العَيني: المعنى: رأيت نفسي، حتَّى لا يقال: فيه كون الفاعل والمفعول