في بيته إلا المكتوبة))، واستُدِلَّ بها على تساوي الجماعات في الفضيلة سواء كثُرت الجماعات أم قَلَّتْ، لأن الحديث دل على فضيلة الجماعة على المنفرد بغير واسطة، فيدخل فيه كل جماعة. كذا قال بعض المالكية، وقواه بما رواه ابنُ أبي شيبة بسندٍ صحيح عن إبراهيم النَّخَعي قال: إذا صلى الرجلُ مع الرجل فهما جماعةٌ لهم التضعيف خمسًا وعشرين. انتهى.
وهو مُسَلَّم في أصل الحصول، لكنه لا ينفي مزيدَ الفضلِ لِمَا كان أكثر، لا سيما لوجود النص المصرِّح به، وهو ما رواه أحمد وأصحابُ السُّنن وصححه ابنُ خزيمة وغيرُه من حديث أُبَي بن كعب مرفوعًا: ((صلاةُ الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاتُه مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كَثُرَ فهو أحب إلى الله)). وله شاهدٌ قوي في الطبراني من حديث قَبَاث بن أَشْيَم، وهو بفتح القاف والموحدة وبعد الألف مُثَلَّثَة، وَأَبُوهُ بالمعجمة بعدها تحتانية بوزن: أحمر.
ويترتب على الخلاف المذكور أن من قال بالتفاوت استَحَبَّ إعادةَ الجماعة مطلقًا لتحصيل الأكثرية، ولم يَستحِبَّ ذلك الآخرون، ومنهم من فصَّل فقال: تُعاد مع الأعلم أو الأورع أو في البُقعة الفاضلة، ووافق مالك على الأخير لكنْ قَصَرَهُ على المساجد، والمشهور عنه بالمسجدين المكي والمدني، وكما أن الجماعة تتفاوت في الفضل بالقلة والكثرة وغيرِ ذلك مما ذُكِر يفوق بعضُها بعضًا، فلذلك عَقَّب المصنفُ الترجمةَ المطلقة في فضل الجماعة بالترجمة المقيَّدة بصلاة الفجر، واستدل بها على أن أصل الجماعة إمامٌ ومأموم، وسيأتي الكلامُ عليه في باب مفرد قريبًا إن شاء الله تعالى.
(٣١) بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ الفَجْرِ فِي الجَمَاعَةٍ
أي هذا باب في بيان فضل صلاة الفجر مع الجماعة، إنما ذكر هذه الترجمة مقيدة وذكر الترجمة التي قبلها مطلقة إشارةً إلى زيادة خصوصية الفجر بالفضيلة كما أشرنا إليه قبل.
٦٤٨ - ٦٤٩ - قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) أي الحكم بن نافع، ترجمته في بدء الوحي.
قوله: (قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) أي ابن أبي حمزة، ترجمته في البدء أيضًا.
قوله: (عَنِ الزُّهْرِيّ) أي محمد بن مسلم، ترجمته في باب إذا لم يكن الإسلامُ على الحقيقة.
قوله: (قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ) ترجمته في باب من قال الإيمان هو العمل.
قوله: (وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) ترجمته في بدء الوحي.
قوله: (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ) أي عبد الرحمن، ترجمته في باب أمور الإيمان.
في هذا الإسناد: التحديثُ بصيغة الجمع في موضع. والإخبار كذلك في موضع، وبصيغة الإفراد في موضع. وفيه: العنعنة في موضع. وفيه: السماع. وفيه: القول في ثلاثة مواضع. وفيه: أن رواته ما بين حمصي ومدني. وفيه: ثلاثة من التابعين.
قوله: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «تَفْضُلُ صَلَاةُ الجَمِيعِ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ، بِخَمْسةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا، وَتَجْتَمِعُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلَاةِ الفَجْرِ» ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {إِنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: ٧٨].
قَالَ شُعَيْبٌ: وَحَدَّثَنِي نَافِعٌ) أي مولى ابن