للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والذي يظهر أن قوله: (بِحِذَائِهِ) يُخرِج هذا أيضاً. انتهى.

قوله: (سَوَاءً) أي لا يتقدم ولا يتأخر. قال شيخنا أيضاً: وفي انتزاع هذا من الحديث الذي أورده بعدُ، وقد قال أصحابنا -أي الشافعية-: يُستحب أن يقف المأموم دونه قليلاً. وكأنَّ المصنف أشار بذلك إلى ما وقع في بعض طُرُقه. فقد تقدم في الطهارة من رواية مخرمة عن كريب عن ابن عباس بلفظ: (فَقُمْتُ إِلَى جَنْبهِ) وظاهره المساواة. وروى عبد الرزاق عن ابن جريجٍ قال: قلت لعطاء: الرجل يصلي مع الرجل، أين يكون منه؟ قال: إلى شِقه الأيمن. قلت أيحاذِي به حتى يصُفَّ معه لا يفوِّت أحدُهما الآخر؟ قال: نعم. قلت: أتحب أن يساويه حتى لا يكون بينهما فُرجَةٌ. قال: نعم. وفي «الموطأ» : عن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال: دخلتُ على عمر بن الخطاب بالهاِجرَة فوجدته يُسبِّح، فقمت وراءَه فقرَّبني حتى جعلني حِذاءَه عن يمينه.

قوله: (إِذَا كَانَا) أي الإمامُ والمأموم، وقُيِّد به لأنه إذا كان مأمومان مع إمام فالحكم أن يتقدم الإمامُ عليهما.

قال هكذا في جميع الروايات: (بَابٌ) بالتنوين (يَقُومُ...) إلى آخره. وأورده الزين بن المنير بلفظ: (بَابُ مَنْ يَقُومُ) بالإضافة وزيادةِ: (مَنْ)، وشرَحَه على ذلك، وتَرَدَّدَ بين كونِها موصولةً أو استفهاميةً، ثم أطال في حِكمَةِ ذلك وأنَّ سببه كونُ المسألة مختلفٌ فيها. والواقع أنَّ مَن محذوفةٌ، والسياقُ ظاهرٌ في أن المصنف جازمٌ بحكم المسألة لا متردد.

قال العيني: لا نُسَلِمُ أنَّ (مَنْ) محذوفةٌ، فكيف يجوز حذف مَن، سواءً كانت استفهاميةً أو موصولةً؟ والنسخة المشهورة صحيحةٌ فلا تحتاج إلى تقدير وارتكابِ تعسف، بل الصواب ما قلنا وهو: أنَّ لفظ: (بَابٌ) مرفوع على أنه خبرُ مبتدأ محذوف، أي: هذا باب. وقوله: (يَقُومُ) جملةٌ في محل الرفع على أنها خبرُ مبتدأ محذوف، والتقدير: ترجمته يقوم المأموم... إلى آخره، كما ذكرنا. انتهى.

قال شيخنا: وقد نقل بعضُهم الاتفاقَ على أن المأموم الواحد يقف عن يمين الإمام، إلا النخعي فقال: إذا كان الإمام ورجلٌ، قامَ الرجلُ خلف الإمام، فإن ركع الإمام قبل أن يجيء أحدٌ قامَ عن يمينه. أخرجه سعيد بن منصور ووجَّههُ بعضهم: بأن الإمام مظنةُ الاجتماع. فاعتُبِرتْ في موقف المأموم حتى يَظهر خلاف ذلك. وهو حسنٌ لكنه مخالف للنص، فهو فاسدٌ. ثم ظهر لي أن إبراهيم إنما كان يقول بذلك حيث يظنُّ ظنَّاً قوياً مجيءَ ثانٍ. وقد روى سعيد بن منصور أيضاً عنه قال: ربما قُمتُ خلف الأَسْوَد وَحْدِيَ حتى يجيء المؤذن.

٦٩٧ - قوله: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العِشَاءَ، ثُمَّ جَاءَ، فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ، فَجِئْتُ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى خَمْسَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ نَامَ حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ)

مطابقته للترجمة في قوله: (فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ).

وهذا الحديث قد ذكره في باب السمر بالعلم، بأطول منه عن آدم عن شعبة عن الحكم بن عتيبة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وقد تكلمنا هناك بما يتعلق به من الأمور مستوفى.

قوله: (جَاءَ) أي من المسجد إلى منزله.

قوله: (فَجِئْتُ) الفاء فيه فصيحة. أي قام من النوم فتوضأ فأحرم بالصلاة فجئت، ويحتمل أنْ لا تكون فصيحةً بأن يكون المراد: ثم قام إلى الصلاة، والقيام على الوجه الأول بمعنى النهوض. وعلى الثاني بمعنى المنهوض (١) والمراد من


(١) كذا في عمدة القاري كذلك، ولم يتضح لي، ولعلها: ((الوقوف)).

<<  <   >  >>