للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

عمل الدُّنْيا الذي سبَّب الاشتغال به ترك الصَّلاة، بمعنى: إنَّه لا ينتفع به ولا يُمتع، وأقرب هذه التأويلات قول من قال: إنَّ ذلك خرج مخرج الزَّجر الشديد، وظاهره غير مراد، والله أعلم. انتهى. قال العَيني: وهو قول ابن بَزيزَة. وعلَّله العَيني بأنَّ الأعمال لا يحبطها إلَّا الشرط، كذا رأيته بخطه، وصوابه: إلَّا الشِّرك. انتهى.

واحتجَّ به بعض الحنابلة من أنَّ تارك الصَّلاة يكفر، وردَّ بأنَّ ظهره متروك، والمراد به التغليظ والتهديد، والكفر ضدُّ الإيمان، وتارك الصَّلاة لا ينفى عنه الإيمان، وأيضًا: لو كان الأمر كما قالوا لما اختُصَّتِ العصر بذلك، ووجه اختصاص العصر بذلك فلأنه وقت ارتفاع الأعمال، ووقت اشتغال النَّاس بالبيع والشِّراء في هذا الوقت بأكثر من وقت غيره، ووقت نزول ملائكة اللَّيل. قلت: ويمكن أن يقال: اختصاص العصر بذلك لأنَّه وقت تجلِّي؛ لأنَّ الله ينظر إلى أهل الدُّنْيا في هذا الوقت، وعلى هذا يكون المراد بحبط العمل سقوط عمله لصلاة العصر في هذا الوقت من نظر الله، والله أعلم. انتهى.

(١٦) (بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ العَصْرِ) أي هذا باب في بيان فضل صلاة العصر، والمناسبة بين هذه الأبواب ظاهرة.

قال شيخنا: فضل صلاة العصر، أي على جميع الصَّلوات إلَّا الصُّبح، وإنَّما حملته على ذلك؛ لأنَّ حديثي الباب لا يظهر منهما رجحان العصر عليها، ويحتمل أن يكون المراد: أنَّ العصر ذات فضيلة لا ذات أفضليَّة. انتهى.

قال العَيني: هذا التقدير فيه تَعَسُّف، ولأنَّ جميع الصَّلوات منزلة في الفضل، غاية ما في الباب: أنَّ لصلاة الفجر والعصر مزية على غيرهما، وإنما خُصَّ العصر بالذكر للاكتفاء كما في قوله تعالى: {سَرَابِيْلَ تَقِيْكُمُ الحَرَ} [النحل: ٨١] أي والبرد أيضًا.

٥٥٤ - قوله: (حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ) -أي بضمِّ الحاء المهملة- واسمه عبد الله بن الزُّبَيْر بن عيسى بن عبد الله بن الزُّبَيْر بن عبد الله بن حُمَيْد، ونسبه إلى جدِّه حُمَيْد القُرَشي المكِّي، مات سنة تسع عشرة ومائتين. قلت: تقدَّمت ترجمته في بدء الوحي، وأعاد العَيني بعضها ههنا. انتهى.

قوله: (قَالَ: حَدَّثَنَا مَرَوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ) أي ابن الحارث الفَزَاري، مات بدمشق سنة ثلاث وتسعين ومائة.

قوله: (قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ) أي ابن أبي خالد -بالخاء المعجمة- ترجمته في باب يتلو باب أمور الدِّين.

قوله: (عَنْ قَيْسٍ) أي ابن أبي حازم -بالحاء المهملة- ترجمته في باب الدين النصيحة.

قوله: (عَنْ جَرِيْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ) أي ابن جابر البجلي رضي الله عنه، ترجمته في الباب أيضًا.

في هذا الإسناد: التَّحديث بصيغة الجمع في ثلاث مواضع، والعنعنة في موضعين، وفيه القول، ووَقَعَ عند ابن مردويه من طريق شُعْبَة عن إسماعيل التصريح بسماع إسماعيل من قيس وسماع قيس عن جرير، وفيه ذكر الحُميدي فنسبه إلى أحد أجداده، وإنَّه من أفراد البخاري، وفيه أنَّ رواته ما بين مكي وكوفي، وفيه رواية التَّابعي عن التابعي، وهما إسماعيل وقيس، وفيه أنَّ أحد الرُّواة من المخضرمين. قلت: تقدَّم الكلام على الخضرمة في باب: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: ٩] في كتاب الإيمان. انتهى.

قوله: (قَالَ: كُنَّا

<<  <   >  >>