للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرَ إِلى القَمَرِ لَيلَةً فَقَالَ: إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَونَ هَذَا القَمَرَ لَا تُضَامُوْنَ في رُؤيَتِهِ، فِإِنِ استَطَعْتُمْ إلَّا تُغلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوْعِ الشَّمس وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافعَلُوا. ثمَّ قَرَأَ: {فسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمس وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: ٣٩]) قَالَ إِسْمَاعِيْلُ: افْعَلُوا لا تَفُوْتَنَّكُمْ.

مطابقته للترجمة تأخذ من قوله (قَبْلَ غُرُوْبِهَا) أي قبل غروب الشَّمس، والصَّلاة في هذا الوقت هي صلاة العصر، قال العَيني: ولو قال باب فضل صلاة الفجر والعصر لكان أولى؛ لأنَّ المذكور في الحديث والآية صلاة الفجر والعصر.

هذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا عن مُسَدَّد عن يحيى بن سعيد في الصَّلاة أيضًا، وأخرجه في التفسير عن إِسْحاق بن إبراهيم عن جرير، وفي التَّوحيد عن عَمْرو بن عَوْف عن خالد وهُشَيم، وعن يوسف بن موسى عن عاصم، وعن عَبْدَة بن عبد الله، وأخرجه مسلم في الصَّلاة عن زُهَير بن حرب عن مروان به، وعن أبي بكر بن أبي شَيْبَة عن عبد الله بن نُمَير وأبي أسامة ووكيع ثلاثتهم عن إسماعيل به، وأخرجه أبو داود في السنَّة عن عُثْمان بن أبي شَيْبَة عن جرير ووكيع وأبي أسامة به، وأخرجه النَّسائي عن يحيى بن كثير وعن يعقوب بن إبراهيم، وأخرجه ابن ماجَهْ في السُّنَّة عن محمَّد بن عبد الله بن نُمَير عن أبيه ووكيع، وعن علي بن محمَّد عن خالد يعلى بن عُبَيْد ووكيع وأبي معاوية أربعتهم عن إسماعيل به.

قوله: (فَنَظَرَ إِلَى القَمَرِ لَيْلَةً) زاد مسلم: ((ليلة البدر))، وكذا للمُصَنِّف من وجه آخر، وهو حال من العنعنة أيضًا كما سيأتي في باب صلاة الفجر، وسنذكر اختلاف الروايات فيه. قال العَيني: الظَّاهر أنَّ (لَيْلَةً) نصب على الظرفية، والتقدير: نظر إلى القمر في ليلة من الليالي. قال الكِرْماني: الظَّاهر إنَّه من باب تنازع الفعلين عليه.

قوله: (لَا تُضَامُونَ) رُوي بضمِّ التَّاء وتخفيف الميم من الضَّيم وهو التعب، وبتشديدها من الضمِّ، وفتح التَّاء وتشديد الميم، قال الخطَّابيُّ: يروى على وجهين: أحدهما مفتوحةَ التَّاء مشددة الميم، وأصله: تتضامون، حذفت إحدى التاءين، أي لا يضام بعضكم بعضًا كما يفعله النَّاس في طلب الشيء الخفي الذي لا يسهل دركه، فيتزاحمون عنده يريد أنَّ كلَّ واحد منهم دارع مكانه لا ينازعه في رؤيته أحد، والآخر: لا تضامون من الضيم، أي لا يضيم بعضكم بعضًا في رؤيته.

وقال التَّيْمي: (لا تُضَامُّونَ) -بتشديد الميم- مراده أنَّكم لا تختلفون إلى بعض فيه حتَّى تجتمعوا للنظر وينضم بعضكم إلى بعض فيقول واحد: هو ذاك، ويقول الآخر: ليس كذلك كما يفعله النَّاس عند النظر إلى الهلال أوَّل الشَّهر، وبتخفيفها معناه: لا يضيم بعضكم بعضًا بأن يدفعه عنه أو يستأثر به دونه، وقال ابن الأَنْباري: أي لا يقع لكم في الرؤية ضَيم وهو الذلُّ، وأصله: تضيمون، فألقيت حركة التَّاء على الضاد، فصارت الياء ألفًا لانفتاح ما قبلها.

وقال ابن الجوزي: لا تضامون بضمِّ التَّاء المُثَنَّاة من فوق وتخفيف الميم، وعليه أكثر الرواة، والمعنى: لا ينالكم ضيم، والضيم أصله الظلم، وهذا الضيم يلحق الرائي من وجهين: أحدهما من مزاحمة الناظرين له، أي لا تزدحمون في رؤيته فيراه بعضكم دون بعض، ولا يظلم بعضكم بعضًا، والثاني من تأخره

<<  <   >  >>