للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(أَلي هَذَا؟) الهمزة للاستفهام، وقوله: (هذا) مبتدأ، وقوله: (لي) مقدِّمًا خبره، وفائدة التقديم التخصيصُ.

قوله: (لِجَمِيْعِ أُمَّتِي كُلِّهِمْ) فيه مبالغة في التأكيد، وسقط (كُلِّهِمْ) من رواية المُسْتَمْلي.

فيه عدم وجوب الحدِّ في القُبلة وشبهها من اللَّمس ونحوه من الصَّغائر، وهو من اللَّمم المعفوِّ عنه باجتناب الكبائر بنصِّ القرآن، وقال صاحب «التَّوضيح» : وقد يستدلَّ به على أنَّه لا حدَّ ولا أدب على الرجل والمرأة وإن وجدا في ثوب واحد، وهو اختيار ابن المنذر. انتهى.

قال العَيني: سلَّمنا في نفي الحدِّ ولا نسلِّم في نفي الأدب سيَّما في هذا الزمان. انتهى.

قال شيخنا: واحتجَّ المرجئة بظاهره وظاهر الذي قبله على أنَّ أفعال الخير مكفِّرة للكبائر والصغائر، وجملة جمهور أهل السنَّة على الصغائر عملًا بحمل المطلق على المقيَّد كما سيأتي بسطه في أواخر تفسير هود إن شاء الله تعالى. انتهى.

وفيه: أنَّ إقامة الصَّلوات الخمس تجري مجرى التَّوبة في ارتكاب الصَّغائر، وفيه: أنَّ باب التَّوبة مفتوح والتَّوبة مقبولة.

قال العَيني: وفي الآية المذكورة دليل على قول أبي حنيفة في أنَّ التَّنوير بصلاة الفجر أفضل، وأنَّ تأخير العصر أفضل؛ وذلك لأنَّ ظاهر الآية يدل على وجوب إقامة الصَّلاة في طرفي النَّهار، وبيَّنا أنَّ طرفي النَّهار الزَّمان الأوَّل بطلوع الشَّمس، والزمانَ الأوَّل بغروبها، وأجمعت الأمَّة على أنَّ إقامة الصَّلاة في ذلك الوقت من غير ضرورة غير مشروع، فقد تعذَّر العمل بظاهر هذه الآية ووجب حملها على المجاز، وهو أن يكون المراد إقامة الصَّلاة في الوقت الذي يقرب من طرفي النَّهار؛ لأنَّ ما يقرب من الشيء يجوز أن يطلق عليه اسمه، فإذا كان كذلك فكلُّ وقت كان أقرب إلى طلوع الشَّمس وإلى غروبها كان أقرب إلى ظاهر اللفظ، وإقامة صلاة الفجر عند التَّنوير أقرب إلى وقت الطُّلوع من إقامتها عند الغَلَس، وكذلك إقامة صلاة العصر عندما يصير ظل ُّكلِّ شيء مثليه أقرب إلى وقت الغروب من إقامتها عندما صار ظلُّ كلِّ شيء مثليه، والمجاز كلَّما كان أقرب إلى الحقيقة كان حمل اللَّفظ عليه أولى. انتهى.

قلت: هذا كلُّه مسلَّم من حيث لم يرد النصُّ بخلافه، فإذا ورد النصُّ بالتَّفسير كان هو المراد. انتهى.

قال العَيني: وفيها دليل أيضًا على وجوب الوتر؛ لأنَّ قوله: {وَزُلَفًا} [هود: ١١٤] يقتضي الأمر بإقامة الصَّلاة في زلف من اللَّيل؛ وذلك لأنَّه عطف على الصَّلاة في قوله: {أَقِمِ الصَّلاة طَرَفَيِ النَّهَار} [هود: ١١٤] فيكون التقدير: وأقم الصَّلاة في زلف من اللَّيل، والزلف جمع وأقلُّ الجمع ثلاثة، فالواجب إقامة الصَّلاة في الأوقات الثلاثة، فالوقتان للمغرب والعشاء، والوقت الثالث للوتر، فيجب الحكم بوجوبه. وقال صاحب «التَّوضيح» : ذكر هذا شيخنا قطب الدِّين، وتبعه شيخنا علاء الدِّين، وهي نزغة ولا نسلِّم لهما. قال العَيني: لا نسلِّم له؛ لأنَّ عدم التسليم بعد إقامة الدَّليل مكابرة. انتهى.

قلت: هو كما قال صاحب «التَّوضيح»؛ لأنَّه مخالف للنَّصِّ من قوله: صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم للسائل لما قال: هل عليَّ غيرها؟ يعني الصَّلوات الخمس ((لَا، إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ)). انتهى.

(٥) (بَابُ فَضْلِ الصَّلاة لَوَقْتِهَا) أي هذا باب في بيان فضل الصَّلاة لوقتها، وكأنَّ الأصل

<<  <   >  >>