العَيني: قال أصحابنا ـ أي الحنفيَّة ـ: إن كان القوم كسالى يستحبُّ التعجيل، وإن كانوا راغبين يستحبُّ التأخير. انتهى. وفيه: أنَّ التأنِّي في الأمور مطلوب، وفيه: أنَّ التبشير لأحد بما يسره محبوب لأنَّ فيه إدخال السرور في قلب المؤمن، قلت: وفيه انتظار الإمام الراتب، وفيه التذكير بنعم الله على عباده وفيه أنَّ الانفراد بالعمل له فضيلة ولهذا وَقَعَ الترغيب في إحياء ما بين المغرب والعشاء لأنَّه وقت غفلة. انتهى.
(٢٣) (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّوم قَبْلَ العِشَاءِ) أي هذا باب في بيان كراهة النَّوم قبل صلاة العشاء.
٥٦٨ - قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَلَامٍ) ترجمته في باب قول النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنا أعلمكم بالله.
قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ) أي ابن عبد الحميد بن الصَّلْت بن عُبَيْد الله بن الحكم بن أبي العاص، أبو محمَّد الحافظ أحد أشراف البصرة، روى عن أيُّوب ويُونُس وحُمَيْد وعنه أحمد وإِسْحاق وابن عَرَفَة، وثَّقه ابن معين وقال: اختلط بأخرة، ولد سنة (١٠٨) مات سنة (١٩٤).
قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ الحَذَّاءُ) أي ابن مِهْران، ترجمته في باب قول النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم اللَّهمَّ علِّمه الكتاب.
قوله: (عَنْ أَبِي المِنْهَالِ) -أي بكسر الميم- واسمه سيَّار بن سلامة الرِّياحي، بالياء آخر الحروف، ترجمته في باب وقت العصر.
قوله: (عَنْ أَبِي بَرْزَةَ) -أي بفتح الباء الموحَّدة وسكون الرَّاء وفتح الزاي المعجمة- اسمه نَضْلَة بن عُبَيْد الأَسْلَمي، ترجمته في باب أيُّ الإسلام أفضل؟
في هذا الإسناد التَّحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع، وفيه: العنعنة في موضعين، وفيه: محمَّد بن سلَام كذا وَقَعَ بذكر أبيه في رواية أبي ذرٍّ ووافقه ابن السَّكَن أنَّه: ابن سلام، ووَقَعَ في أكثر الروايات: ((حدَّثنا محمَّد)) غير منسوب، وقد تعيَّن من رواية أبي ذرٍّ وابن السَّكَن، وقال أبو نصر: إنَّ البخاري يروي في «الجامع» عن محمَّد بن سلَام ومحمَّد بن بشَّار ومحمَّد بن المثنَّى عن عبد الوهَّاب، قال العَيني: وسلام، هذا بتخفيف اللام. انتهى.
قوله: (أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَكْرَهُ النَّوم قَبْلَ العِشَاءِ وَالحَدِيْثَ بَعْدَهَا) مطابقته للترجمة ظاهرة.
قوله: (قَبْلَ العِشَاءِ) أي قبل صلاة العشاء.
قوله: (وَالحَدِيْثَ) بالنَّصب عطف على قوله: (النَّوْمَ) أي وكان يكره الحديث، أي: المحادثة بعدها، أي بعد العشاء، وهذا محمول على المحادثة الَّتي لا مصلحة فيها والتي فيها المصلحة الدينية أو الدنيوية فلا كراهة فيه، وبهذا يندفع الاعتراض عليه بما ورد أنَّه عليه السَّلام: (كَانَ يُحدِّث بعدَ العشاءِ). وأما سبب كراهة النَّوم قبلها فلأنَّ فيه تعرُّضًا لفوات وقتها باستغراق النَّوم، ولئلَّا يتساهل النَّاس في ذلك فيناموا عن صلاتها جماعة. وأمَّا كراهة الحديث بعدها فلأنَّه يؤدِّي إلى السَّهر، ويخاف منه غلبة النَّوم عن قيام اللَّيل أو الذِّكر فيه، أو عن صلاة الصُّبح، ولأنَّ السَّهر سبب الكسل في النَّهار عمَّا يتوجَّه من حقوق الدِّين ومصالح الدنيا، وقال الترمذي: كره أكثر أهل العلم النَّوم قبل صلاة العشاء ورخَّص فيه بعضهم، ورخَّص بعضهم فيه في رمضان خاصَّة، وحمل الطَّحاوي الرُّخصة على ما قبل دخول وقت العشاء، والكراهة على ما بعد