من اللَّيل، وهو في حديث أبي سعيد كما سيأتي، وسيأتي في حديث أَنَس عند المٌصَنِّف ((إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ)).
وفي «الكتاب الواعي» : إبهيرار اللَّيل طلوع نجومه.
وقال الدَّاُودي: انهار اللَّيل، يعني بالنُّون، موضع الباء، تقول: كسر منه وانهزم، ومنه قوله تعالى: {فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ} [التوبة: ١٠٩] قال العَيني: وفيه نظر، ولم يقله أحد غيره.
قوله: (عَلَى رِسْلِكُمْ) -بكسر الرَّاء وفتحها- قال العَيني: أي: على هيئتكم، -والكسر أفصح- وقال شيخنا: والمعنى تأنُّوا.
قوله: (أَبْشِرُوا) من: أبشر إبشارًا، يقال: بشَّرت الرجل وأبشرته وبشَّرته بالتشديد، ثلاث لغات بمعنى، ويقال: بشَّرته بمولود فأبشر إبشارًا أي: سُرَّ.
قوله: (إِنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ) كلمة: (مِنْ) للتبعيض، وهو اسم: إنَّ، قال شيخنا: إنَّ بالكسر، ووهم من ضبطها بالفتح.
وأما قوله: (أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ) فهو بفتح إنَّه للتعليل، قال العَيني: ليس كذلك على ما لا يخفى، أي ليس للتعليل. انتهى.
قوله: (فَفَرِحْنَا) بلفظ المتكلِّم، عطف على قوله: (فَرَجَعْنَا)، هذا في رواية الكُشْمِيهَني، وفي رواية غيره: <فَرَجَعْنَا فَرْحَى> على وزن: فعلى، قال شيخنا كذا عند مسلم. انتهى.
قال الكِرْماني: إما جمع الفريح على غير قياس، وإما مؤنَّث الأفرح، وهو نحو: الرجال فعلت. قال العَيني: بل هو جمع: فرحان، كعطشان يجمع على: عطشى، وسكران على سكرى، ويروى (فَرَجَعْنَا فَرَحًا) بفتح الرَّاء بمعنى الفرحين، وهو نحو: الرجال فعلوا، وعلى الوجهين أعني: فرحى وفرحًا، نصب على الحال من الضَّمير الذي في (رَجَعْنَا) فإن قلت: المطابقة بين الحال وذي الحال شرط في الواحد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث، وفي رواية: (فَرَحًا) غير موجود. قلت: الفرح مصدر في الأصل ويستوي فيه هذه الأشياء.
قوله: (بِمَا سَمِعْنَا) الباء: تتعلَّق (بِفَرِحْنَا)، وكلمة: (مَا) موصولة، والعائد محذوف تقديره: بما سمعناه. فإن قلت: ما سبب فرحهم؟ أجيب: علمهم باختصاصهم بهذه العبادة الَّتي هي نعمة عظمى مستلزمة للمثوبة الحسنى، قاله الكِرْماني، وقال شيخنا: مع ما انضاف إلى ذلك من تجميعهم فيها خلف رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وقال العَيني: مع كونه مشغولًا بأمر الجيش خرج إليهم وصلَّى بهم، فحصل لهم الفرح بذلك، وازدادوا فرحًا ببشارته بتلك النعمة العظيمة. انتهى.
فيه جواز الحديث بعد صلاة العشاء، قلت: مذهبنا كراهة النَّوم قبل العشاء والحديث بعدها كما يأتي. انتهى. وفيه إباحة تأخير العشاء إذا علم أنَّ بالقوم قوَّة على انتظارها ليحصل لهم فضل الانتظار، ولأنَّ المنتظر للصلاة في الصلاة. وقال ابن بطَّال: وهذا لا يصلح اليوم لأئمَّتنا، لأنَّه عليه السَّلام لما أمر الأئمَّة بالتخفيف وقال: ((إنَّ فيهم الضعيف والسقيم وذا الحاجة)) كان ترك التطويل عليهم في انتظارها أولى، وقال مالك: تعجيلها أفضل للتخفيف، قلت: والتعجيل عند الشَّافعي أفضل أيضًا. انتهى.
وقال ابن قُدامة ـ أي من الحنابلة ـ يستحبُّ تأخيرها للمنفرد، ولجماعة يرضون بذلك، وإنما نقل التأخير عنه عليه السَّلام مرَّة أو مرَّتين لشغل حصل له. وقال