الذي قبله.
(١٤) (بَابُ إِثْمِ مَنْ فَاتَهُ العَصْرُ) أي هذا باب في بيان إثم من فاتته صلاة العصر، والمراد بفواتها: تأخيرها عن وقت الجواز بغير عذر؛ لأنَّ ترتب الإثم على ذلك، وسيأتي البحث في ذلك.
٥٥٢ - قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنا مَالِكٌ) تقدَّم التنبيه عليهما في الباب السابق.
قوله: (عَنْ نَافِعٍ) أي ابن جرجس مولى ابن عمر، ترجمته في باب العلم والفتيا في المسجد.
قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ) أي ابن الخطَّاب، ترجمته في كتاب الإيمان.
في هذا الإسناد التَّحديث بصيغة الجمع في موضع واحد، والإخبار كذلك، وفيه العنعنة في موضعين.
قوله: (أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الَّذِي تَفُوْتُهُ صَلَاةُ العَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ).
هذا الحديث أخرجه مسلم وأبو داود والنَّسائي أيضًا من طريق مالك، وأخرجه الكَشِّي من حديث حمَّاد بن سلمة عن نافع وزاد في آخره: ((وهو قاعدٌ))، وكذا رواه النَّسائي عن نَوفَل بن معاوية كرواية ابن عُمَر، وفي «الأوسط» للطَّبَراني: أنَّ نوفلًا رواه عن أبيه معاوية بلفظ: ((لأنْ يوتَر أحدُكم أهلَه ومالَه خيرٌ له من أن تفوتَه صلاةُ العصرِ))، وقال الذَّهَبي: نَوفَل بن معاوية الدِّيلي شهد الفتح، وتوفِّي بالمدينة زمن يزيد، روى عنه جماعة، وقال في باب الميم: معاوية بن نَوفَل الدِّيلي صحابي روى عنه أبيه.
قوله: (الَّذِي تَفُوْتُهُ) قال ابن بَزبزَة: فيه ردٌّ على من كره أن يقول: فاتتنا الصلاة.
قوله: (صَلَاةُ العَصْرِ) في رواية الكُشْمِيهَني، وفي رواية غيره:<يَفُوْتُهُ العَصْرُ>.
قوله: (كَأَنَّمَا) كذا هو في رواية الأكثرين، وفي رواية الكُشْمِيهَني: <فَكَأَنَّمَا> بالفاء، قال العَيني: والمبتدأ إذا تضمَّن معنى الشرط جاز في خبره الفاء وتركها. انتهى.
قوله: (وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ) بنصب اللَّامين في رواية الأكثرين؛ لأنَّه مفعول ثان لقوله: (وُتِرَ) وهو على صيغة المجهول، والضمير فيه يرجع إلى قوله: (الَّذِي تَفُوْتُهُ صَلَاةُ العَصْرِ) وهو المفعول الأوَّل، قلت: قول العيني: والضمير فيه يرجع إلى قوله: (الَّذِي) إذا نظر إليه من ليس له إلمام كبير بتراكيب الكلام يظنُّ أنَّ الضَّمير يرجع إلى الجملة الداخل عليها (إِلَى) وليس كذلك، وإنما الضَّمير يرجع إلى (الَّذِي) فقط، وقد سلم شيخنا من ذلك، فإنَّه قال: وأضمر في (وُتِرَ) مفعولٌ لم يُسَمَّ فاعلُه، وهو عائد على الذي فاتته، فالمعنى: أصيب بأهله وماله، وهو متعدٍّ إلى مفعولين، ومثله قوله تعالى: {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٥] وإلى هذا أشار المُصَنِّف فيما وَقَعَ في رواية المُسْتَمْلي، قال أبو عبد الله: (يَتِرَكُمْ). انتهى.
فإن قلت: الفعل الذي يقتضي مفعولين يكون من أفعال القلوب، و (وُتِرَ) ليس منها، قال العَيني: إذا كان أحد المفعولين غير صريح يأتي أيضًا من غير أفعال القلوب وههنا كذلك، و (وُتِرَ) ههنا متعدٍّ إلى مفعولين بهذا الوجه، وذلك كما في قوله تعالى: {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٥] أي لن ينقصكم أعمالكم، فعلى هذا المعنى في (وُتِرَ) نُقِصَ، من: وترته إذا نقصته، فكأنَّك جعلته وترًا بعد أن كان كثيرًا، وقيل: معناه هنا: سُلب أهلَه وماله فبقي وترًا ليس له أهل ولا مال، وقال النَّوَوي: روي برفع اللامين. قال العَيني: هي رواية المُسْتَمْلي ووجها: إنَّه لا يضمر شيء في (وُتِرَ)، بل يقوم الأهل مقام ما لم يُسم فاعله، وماله عطف عليه. وقال ابن الأثير: مَن ردَّ النقصَ