للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

في باب وقت المغرب، رواه عن محمَّد بن بشَّار وفيه: ((فَسَأَلْنَا جَابِرَ بنَ عَبْدِ اللهِ فَقَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يُصَلِّي بِالهَاجِرَةَ)) والهَاجِرَةَ: نصف النَّهار عند اشتداد الحرِّ، ولا يعارض هذا حديث الإبراد؛ لأنَّه ثبت بالفعل، وحديثُ الإبراد بالفعل والقول فيرجَّح على ذلك، وقيل: إنَّه منسوخ بحديث الإبراد؛ لأنَّه متأخِّر عنه، وقال البَيْضاوي: الإبراد تأخير الظُّهر أدنى تأخير بحيث يقع الظلُّ، ولا يخرج بذلك عن حدِّ التهجير؛ فإن الهاجرة تُطلق على الوقت إلى أن تفوت العصر، قال العَيني: بأدنى التأخير لا يُحصل الإبراد، ولم يقل أحد: إنَّ الهاجرة تمتدُّ إلى قرب العصر.

٥٤٠ - قوله: (حَدَّثَنا أَبو اليَمَانِ) أي الحكم بن نافع.

قوله: (قَالَ: أَخْبَرَنا شُعَيْبٌ) أي ابن أبي حمزة.

قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ) أي محمَّد بن مسلم.

قوله: (قَالَ: أَخْبَرَني أَنَس بنُ مَالِكٍ) أي خادم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.

قوله: (أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ حِيْنَ زَاغَتِ الشَّمس فَصَلَّى الظُّهْرَ، فَقَامَ عَلى المِنْبَرِ فَذَكَرَ السَّاعَةَ، فَذَكَرَ أَنَّ فِيْهَا أُمُوْرًا عِظَامًا ثمَّ قَالَ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شَيْءٍ فَليَسْأَلْ، فَلَا تَسْأَلُوْنِي عَنْ شَيْءٍ إلَّا أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ مَا دُمْتُ فِي مَقَامِي. فَأَكْثَرَ النَّاس في البُكَاءِ، وَأَكثَرَ أَنْ يَقُوْلَ: سَلُوْنِي، فَقَامَ عَبْدُ اللهِ بنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ فَقالَ: مَنْ أَبِي؟ قَالَ: أَبُوكَ حُذَافَةُ. ثمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُوْلَ: سَلُوْنِي، فَبَرَكَ عُمَر رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَلى رُكبَتَيهِ فَقالَ: رَضِيْنَا بِاللهِ رَبًّا وَبِالإِسلامِ دِيْنًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، فَسَكَتَ ثمَّ قَالَ: عُرِضَتْ عَلَيَّ الجنَّة وَالنَّارُ آنِفًا فِي عُرْضِ هَذا الحَائِطِ فَلَمْ أَرَ كَالخَيْرِ وَالشَّرِّ).

مطابقته للترجمة في قوله: (خَرَجَ حِيْنَ زَاغَتِ الشَّمس فَصَلَّى الظُّهْرَ) وهذا الإسناد بعينه مضى في كتاب العلم في باب من برك على ركبتيه عند الإمام أو المحدِّث، ومتن الحديث أيضًا مختصرًا، والزيادة هنا من قوله: (خَرَجَ حِيْنَ زَاغَتِ الشَّمْسُ) إلى قوله: (فَقَامَ عَبْدُ اللهِ بنُ حُذَافَةَ) وكذا قوله: (ثُمَّ قَالَ: عُرِضَتْ) إلى آخره.

قال شيخنا: وسيأتي الكلام على فوائده مستوعَبًا إن شاء الله تعالى في كتاب الاعتصام.

قوله: (حِيْنَ زَاغَتِ) أي حين مالت، وفي رواية التِّرْمِذي بلفظ: ((زالَتِ)) والغرض منه هنا صدر الحديث وهو قوله: (خَرَجَ حِيْنَ زَاغَتِ الشَّمس فَصَلَّى الظُّهْرَ) فإنَّه يقتضي أنَّ أوَّل زوال الشَّمس أوَّل وقت الظهر، إذ لم يُنقل إنَّه صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم صلَّى قبله، وهذا هو الذي استقر عليه الإجماع، وكان فيه خلاف قديم عن بعض الصحابة: إنَّه جوَّز صلاة الظُّهر قبيل الزوال، وعن أحمد وإسحاق مثله في الجمعة كما سيأتي في بابه.

وقال ابن المنذر: أجمع العلماء على أنَّ أوَّل وقت الظُّهر زوال الشمس، وذكر ابن بطَّال عن الكرخي عن أبي حنيفة: أنَّ الصَّلاة في أوَّل الوقت تقع نفلًا، قال: والفقهاء بأسرهم على خلاف قوله. قال العَيني: ذكر أصحابنا - أي الحنفيَّة - أنَّ هذا القول ضعيف نقل عن بعض أصحابنا وليس منقولًا عن أبي حنيفة، والصحيح عندنا: أنَّ الصَّلاة تجب بأوَّل الوقت وجوبًا موسَّعًا، وذكر القاضي عبد الوهَّاب

<<  <   >  >>