للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ، فَفَعَلَتْ حَفْصَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَهْ إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ، فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ)) فَقَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ: مَا كُنْتُ لِأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا).

مطابقته للترجمة من حيث إن عائشة أخبرت فيه أن أبا بكر إذا قام في مقام النبي صلى الله عليه وسلم يبكي بكاءً شديداً حتى لا يُسمع الناسَ قراءتَه من شدة البكاء. فإن قلتَ: هذا إخبارٌ عما سيقع وليس فيه ما يدل على أنه بَكَى. قال العيني: هي أخبرت عما شاهدتْهُ من بكائه في صلاته قبلَ ذلك، وقاست على هذا أنه إذا قام مقام النبي صلى الله عليه وسلم يبكي أشدَّ من ذلك لرؤيته خلوَّ مكان النبي صلى الله عليه وسلم مع ما عندَهُ من الرِّقَّة وسرعةِ البكاء.

فإن قلتَ: ما في الحديث شيءٌ يدلُّ على أن أبا بكر كان إماماً، فضلاً عن أنه بكى وهو إمام؟ قال العيني: جاء في حديثِ هذا البابِ عن عائشة: قلتُ: يا رسول الله إنَّ أبا بكر رجل رقيقٌ، إذا قرأ القرآنَ لا يملِكُ دمعَه. فثبَتَ بهذا أنه كان يبكي إذا قرأ القرآن، وثبت أنه كان إماماً قبلَ أن يأتيَ النبي صلى الله عليه وسلم، وكان قرأ قبل ذلك. والدليلُ عليه ما جاء فيه: فاستفتح النبيُّ صلى الله عليه وسلم من حيث انتهى أبو بكر من القراءة، فدل ذلك على أنه كان يبكي وهو يقرأ القرآن، وأنه قرأ وهو إمام إلى وقت مجيء النبي صلى الله عليه وسلم، فطابق الحديثُ الترجمة من هذه الحيثية. فافهمْ فإنَّ أحداً ما نبَّهَ على هذا. انتهى.

قوله: (مِنَ البُكَاءِ) كلمةُ (مِنْ) للتعليل، أي لأجل البكاء. وقال الكِرماني: (فِي البُكَاءِ) أي لأجل البكاء، و (فِي) جاءَ للسببية وهو حال، أي كائناً في البكاء، وهو من باب إقامة بعض حروف الجر مقام بعض. قال العيني: هذا إنما يتوجه إذا صحت رواية: (فِي البُكَاءِ). انتهى.

قوله: (فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ) ويروى: (يُصَلِّي).

قوله: (بِالنَّاسِ) ويروى: (لِلنَّاسِ).

قوله: (فَفَعَلَتْ) أي القولَ المذكور، ولم تقل: فقالت كذا وكذا اختصاراً.

قوله: (مَهْ) كلمة زجر، وقد تقدم فيما مضى.

قال شيخنا: وفي الباب حديث عبد الله بن الشِّخِّير: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بِنَا وفي صدرِه أزيزٌ كأزيز الْمِرجَل من البكاء. رواه أبو داود والنسائي والترمذي في «الشمائل»، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، ووهِم من زعم أن مسلماً أخرجه. والْمِرجَلُ بكسر الميم وفتح الجيم: القِدْرُ إذا غلت، والأَزِيزُ بفتح الهمزة بعدها زاي ثم تحتانية ساكنة ثم زايٌ أيضاً: هو صوتُ القِدْر وفي لفظٍ: كأزيز الرَّحَى.

(٧١) (بَابُ تَسْوِيَةِ الصَّفِّ عِنْدَ الإِقَامَةِ وَبَعْدَهَا)

أي هذا بابٌ في بيان حكم تسوية الصفوف عند الإقامة للصلاة وبعد الإقامة أي بعد الفراغ من الإقامة قبل الشروع في الصلاة.

٧١٧ - قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ) أي الطيالسي البصري، ترجمته في باب علامة الإيمان حب الأنصار.

قوله: (قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) أي ابن (١) الحجاج، ترجمته في بابٍ يتلو باب أمور الإيمان.

قوله: (قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ) بضم الميم وتشديد الراء، أبو عبد الله الجُهني بضم الجيم، الْمُرَادي بضم الميم وتخفيف الراء، الكوفي الأعمى، من الأئمة العاملين، مات سنة ست عشرة ومائة.

قوله: (قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ أَبِي الجَعْدِ) أي بفتح الجيم، رافع الأشجعي الكوفي التابعي، ترجمته في باب


(١) كلمة ((ابن)) ساقطة في (الأصل).

<<  <   >  >>