ولابن دقيقٍ العيد هنا بحث من جهة أنَّ حكاياتِ الأحوال لا عمومَ لها، وقد يُجاب عن هذه القضيَّة بأنها واقعةُ حالٍ، فيَحتمل أن تكونَ أُمامَةُ كانت حينئذٍ قد غُسلت، كما يَحتمل أنَّه كان صلَّى الله عليه وسلَّم يمسُّها بحائل.
(١٠٧) (بَابٌ إِذَا صَلَّى إِلَى فِرَاشٍ فِيهِ حَائِضٌ) أي هذا بابٌ فيه إذا صلَّى، وجواب (إذا) محذوفٌ تقديره: صحَّت صلاتُه، أو معناه: بابُ هذه المسألة، وهي: ما يقولُه الفقهاء إذا صلَّى كذا وكذا كيف كان حكمه؟ فصارَ الجزء الأوَّل منها علمًا لها، قاله الكِرْمانيُّ. قال العَيني: هذا فيه تعسُّفٌ، ولو قال: معناه إذا صلَّى إلى فراش فيه حائضٌ كيف يكون حكمُه، يُكره أم لا؟
وحديثُ الباب يدلُّ على عدم الكراهة، قال شيخُنا: وتقدَّم الكلامُ عليه في أبواب سَتر العَورة في باب إذا أصابَ ثوبُ المصلِّي امرأتَه، وهذه الترجمةُ أخصُّ من تلك، وتقدَّمت له طرقٌ أخرى في آخر كتاب الحيض.
٥١٧ - قوله: (حَدَّثَنا عَمْرو بنُ زُرَارَةَ) أي بالواو، وزُرارةُ -بضمِّ الزاي ثمَّ بالرَّاء المكررة- وقد تقدَّم في باب قدرُ كم ينبغي أن يكونَ بينَ المصلِّي والسُّترة.
قوله: (قَالَ: أَخْبَرَنا هُشَيْمٌ) -أي مُصَغَّرًا- ابنُ بُشيرٍ بضمِّ الباء الموحَّدة، أبو معاويةَ الواسطي، مات ببغداد سنةَ ثلاثٍ وثمانين ومائة، تقدَّم في كتاب التيمم.
قوله: (عَنِ الشَّيْبَانيِّ) أي أبو إِسْحاق سُلَيمان بنُ أبي سُلَيمان فيروزٍ الكوفيُّ، تقدَّم في باب مباشرة الحائض.
قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شَدَّادِ بنِ الهَادِّ) أي بتشديد الدّال، واسمُ شدّادٍ أسامةُ الكوفيُّ تقدَّم في الباب أيضًا.
قوله: (قالَ: أَخْبَرَتْنِي خَالَتِي مَيْمُوْنَةُ بِنْتُ الحَارِثِ) أي إحدى زوجاتِ النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ترجمتها في باب السَّمَر بالعلم.
في هذا الإسناد التَّحديث بصيغة الجمع في موضعٍ واحد، وفيه الإخبارُ كذلك، وفيه الإخبار بصيغة الإفراد من الماضي في موضعٍ واحد، وفيه العنعنةُ في موضعين، وفيه القولُ، وفيه أنَّ رواتَه ما بين واسطيٍّ وكوفيٍّ.
قوله: (قَالَتْ: كَانَ فِراشِي حِيَالَ مُصَلَّى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، فَرُبَّما وَقَعَ ثَوبُهُ عَلَيَّ وَأَنا عَلَى فِرَاشِي وَأَنَا حَائِضٌ) مطابقتُه للترجمة ظاهرةٌ عند التأمُّل، ولكنِ اعتُرض فيه بوجهين؛ الأوَّل: كيف دلَّ على الترجمة الَّتي هي كونُ المصلِّي مُنتهيًا إلى الفراش؛ لأنَّه قال: إذا صلَّى إلى فراش، وكلمة (إلى) لانتهاء الغاية، والثاني: أنَّ هذا الحديث يدلُّ على اعتراض المرأة بين المصلِّي وقبلتِه، فهذا يدلُّ على جواز القعود لا على جواز المرور.
وأُجيبَ عنِ الأوَّل: بأنَّه لا يلزمُ أن يكونَ الانتهاءُ من جهة القِبلة، وكما إنَّها مُنتهيةٌ إلى جَنب رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فرسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أيضًا مُنتهٍ إليها وإلى فراشها. وعن الثاني: بأنَّ ترجمةَ الباب ليسَت معقودةً للاعتراض؛ فإنَّ المتعلِّق بالاعتراض قد تقدَّم، والذي قَصَدَ البخاريُّ بيانُ صحةِ الصَّلاة ولو كانت بجنبِ المصلِّي ولو أصابَتها ثيابُه، لا كونَ الحائض بينَ المصلِّي وبينَ القِبلة.
قال: قد ذكرنا تعدُّد موضعِ هذا الحديث ومَن أخرجه غيرُه ومعناه وما يتعلقُ به من الأحكام في باب إذا أصاب ثوبُ المصلِّي امرأتَه في السُّجود، فإنه أخرج هذا الحديثَ هناك عن مسدَّد عن خالدٍ عن الشَّيبانيِّ. انتهى.
قال شيخُنا: (حِيَالَ) -بكسر المهمَلة بعدَها تحتانيّةٌ- أي بجنبه كما ذكره في الطريق