وذكر بعض أهل العلم أن ذلك راجع إلى العلم، وأن معناه: لأَعْلَمُ. وهذا تأويلٌ لا حاجة إليه، بل حَمْلُ ذلك على ظاهره أولى، ويكون ذلك زيادةً في كرامات الشارع. قاله القرطبي: وقال أحمد وجمهور العلماء: هذه الرؤية رؤية العين حقيقةً ولا مانع له من جهة العقل، وورودُ التصريحٍ به فوجب القول به. انتهى. فإن قلتَ: هذه الخصوصيةُ كانت من حينِ المبعثِ أو بعدَه؟ قلتُ: ورد في حديثٍ ذكره أبو الربيع في «شفاء الصدور» أنَّ هذا حصل له - عليه السلام - ليلة المعراج، وهو يؤيد حمله على الحقيقة، لأن المعراج وما وقع فيه كلُّ ذلك مِن خرق العادة، وقال بعضُ العارفين: إنه - عليه السلام - ليلة المعراج انخرقَ بصرُه إلى بصيرته وبصيرتُه إلى بصَرِه فرجع وهو يرى من خلفِه كما يرى مِن بين يديه. انتهى.
فيه: الأمر بتسوية الصفوف، وهي من سنة الصلاة عند أبي حنيفة والشافعي ومالك، وزعم ابنُ حزمٍ أنه فرض، لأنَّ إقامة الصلاة فرض، وما كان من الفرض فهو فرض. قال - عليه السلام-: ((فإنَّ تسوية الصف من تمام الصلاة)). فإن قلتَ: الأصلُ في الأمر للوجوب ولا سيما فيه الوعيد على ترك تسوية الصفوف، فدل على أنها واجبة. قال العيني: هذا الوعيد من باب التغليظ والتشديد تأكيداً وتحريضاً على فعلها، كذا قاله الكِرماني، وليس بِسَديد، لأنَّ الأمر المقرون بالوعيد يدل على الوجوب، بل الصواب أن يقول: فلتكن التسوية واجبة بمقتضى الأمر، ولكنها ليست من واجبات الصلاة بحيث إنه إذا تركها فسَدت صلاتُه أو نَقَصَتْها. غاية ما في الباب إذا تركها يأثم. وروي عن عمر رضي الله عنه: أنه كان يوكل رجلاً بإقامة الصفوف، فلا يكبر حتى يُخبَر أن الصفوف قد استوت. وروي عن علي وعثمان رضي الله عنهما: أنهما كانا يتعاهدان ذلك ويقولان: استووا. وكان علي يقول: تقدم يا فلان، وتأخر يا فلان. وروى أبو داود من حديث النعمان بن بشير قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوي صفوفَنا إذا قُمنا للصلاة وإذا استوينا كبَّر للصلاة، ولفظُ مسلم: كان يسوي صفوفَنا حتى كأنما يسوي بها القداح، حتى رأَى أَنَّا قد عَقَلْنا عنه خرج يوماً فقامَ حتى كان أن يكبر، فرأى رجلاً بادياً صدرُه، فقال:((عبادَ الله لَتُسَوُّنَّ صفوفَكم...)) الحديثُ.
أي هذا باب في بيان حكم إقبال الإمام، ولفظُ الإقبال مصدرٌ مضافٌ إلى فاعله.
٧١٩ - قوله:(حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ) أي بفتح الراء وتخفيف الجيم وبالمد، واسم أبي رجاء عبدُ الله بن أيوب أبو الوليد الحنفي الهروي، مات بهراة في سنة اثنتين وثلاثين ومئتين، ترجمته في باب إذا حاضت في شهر ثلاث حِيَض.
قوله:(قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو) أي ابن المهلب الأزدي البغدادي وأصلُه كوفي.
قوله:(قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ) أي بضم القاف، مَرَّ في باب غسل المذي.
قوله:(قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ) أي بضم الحاء، ترجمته في باب خوف المؤمنِ أن يحبط عملُه وهو لا يشعر في كتاب الإيمان.
قوله:(حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ) ترجمته في باب لا يؤمن أحدكم.