بالسَّماع لا يدلُّ على فعل ولا هيئة، مع أن ذلك هو الأصل في المصدر. انتهى. وقال العَيني: لا نسلِّم هذا الكلام يعني كلام ابن المنيِّر لأنَّ التأذين مصدر فلا يدلُّ إلَّا على حدوث فعل فقط. انتهى.
٦٠٨ - قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يُوسُفَ) أي التِّنِّيسي، ترجمته في بدء الوحي.
قوله: (قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ) أي ابن أَنَس، ترجمته في البدء أيضًا.
قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ) أي بالزاي والنون، واسمه عبد الله بن ذكوان، ترجمته في باب حبِّ الرسول من الإيمان.
قوله: (عَنِ الأَعْرَجِ) أي عبد الرحمن بن هرمز، ترجمته في الباب أيضًا.
قوله: (عَنْ أبي هُرَيْرَةَ) أي عبد الرحمن بن صخر، ترجمته في باب أمور الإيمان.
في هذا الإسناد التَّحديث بصيغة الجمع في موضع واحد، وفيه الإخبار كذلك، وفيه العنعنة في ثلاث مواضع.
قوله: (أَنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّم قَالَ: إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيطان لَهُ ضُرَاطٌ حتَّى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِين، فَإِذَا قُضِيَ النِّدَاءُ أَقْبَلَ، حتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ حتَّى إِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ، حتَّى يَخْطُرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ، يَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا اذْكُرْ كَذَا لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى).
مطابقته للترجمة من حيث هروب الشَّيطان عن الأذان، فإن الأذان لو لم يكن له فضل عظيم يتأذَّى منه الشَّيطان لم يهرب منه، فمن حصول هذا الفضل للتأذين يحصل أيضًا للمؤذِّن لأنَّه لا يقوم إلَّا به.
هذا الحديث أخرجه أبو داود، في الصَّلاة عن القَعنَبي عن مالك، وأخرجه النَّسائي أيضًا فيه عن قُتَيْبَة عن مالك بالصلاة، وهي رواية لمسلم أيضًا، وكذا في رواية أبي داود، قال شيخنا: ويمكن حملها على معنى واحد.
قال العَيني: سكت على هذا ولم يُبيِّن وجه ما هو، قلت: تكون الباء للسببية، كما في قوله تعالى: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} [العنكبوت: ٤٠] أي بسبب ذنبه وكذلك المعنى ههنا بسبب الصَّلاة، ومعنى التعليل قريب من معنى السببية.
قوله: (أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ) الإدبار: نقيض الإقبال، يقال: دبر وأدبر إذا ولَّى، والألف واللام في: الشيطان، للعهد، والمراد: الشَّيطان المعهود.
قوله: (لَهُ ضُرَاطٌ) جملة اسميَّة وقعت حالًا، والأصل فيها أن تكون بالواو، وقد تقع بلا واو، كلمته فوه إلى فيَّ، ووَقَعَ في رواية الأَصِيلي: بالواو على الأصل، وهي للبخاري من وجه آخر في بدء الخلق. قال عياض: يمكن حمله على ظاهره لأنَّه جسم متغذٍّ يصحُّ منه خروج الريح، ويحتمل إنَّها عبارة عن شدَّة نفاره، ويقوِّيه رواية لمسلم: ((لَهُ حُصَاصٌ)) بمهملات مضموم الأوَّل، فقد فسَّره الأصمعي وغيره: بشدَّة العدو، قال العَيني: هذا تمثيل لحال الشَّيطان عند هروبه من سماع الأذان بحال من حزقه أمر عظيم، واعتراه خطب جسيم، حتَّى لم يزل يحصل له الضراط من شدَّة ما هو فيها، لأن الواقع