للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيها مُغلسًا، وادعى الزَّين ابن المنيِّر: إنَّه مخالف لحديث عائشة الآتي حيث قالت فيه: (لَا يُعْرَفْنَ مِنَ الغَلَسِ) وتعقِّب بأن الفرق بينهما ظاهر، وهو أنَّ حديث أبي برزة متعلِّق بمعرفة من هو مستقرٌّ جالس إلى جنب المصلِّي فهو ممكن، وحديث عائشة متعلِّق بمن هو متلفِّف مع إنَّه على بعد فهو بعيد.

قوله: (وَيَقْرَأُ) أي في الصُّبح (بِالسِّتِّيْنَ إِلَى المَائَةِ) أي من الآي، وقدَّرها في الطَّبَرَاني بسورة الحاقَّة ونحوها، وتقدَّم في باب وقت الظُّهر بلفظ: (مَا بَيْنَ السِّتِيْنَ إِلَى المَائَةِ) وأشار الكِرْماني إلى أنَّ القياس أن يقول: ما بين الستين والمائة؛ لأنَّ لفظ (بَيْنَ) يقتضي الدخول على متعدِّد، قال: ويحتمل أن يكون التقدير: ويقرأ ما بين الستين أو فوقها إلى المائة، فحذف لفظ (فوقها) لدلالة الكلام عليه.

وفي السِّياق تأدب الصغير مع الكبير، ومسارعة المسؤول بالجواب إذا كان عارفًا به.

وقال النَّوَوي: هذا الحديث حُجَّة على الحنفيَّة حيث قالوا: لا يدخل وقت العصر حتَّى يصير ظلُّ الشيء مثليه. قال العَيني: لا نسلِّم أنَّ الحنفيَّة قالوا ذلك، وإنما هو روايةُ أسد بن عَمْرو عن أبي حنيفة وحدَه، وروى الحسن عنه: أنَّ أوَّل وقت العصر إذا صار ظلُّ كلِّ شيء مثله، وهو قول أبي يوسف وزُفر واختاره الطَّحاوي، وروى المعلى عن أبي يوسف عن أبي حنيفة: إذا صار الظلُّ أقلُّ من قامتين يخرج وقت الظُّهر، ولا يدخل وقت العصر حتَّى يصير قامتين. وصحَّحه الكَرْخي، وفي رواية الحسن أيضًا: إذا صار ظلُّ كلِّ شيءٍ قامة خرج وقت الظُّهر، ولا يدخل وقت العصر حتَّى يصير قامتين، وبينهما وقت مهمل وهو الذي يسمِّيه الناس: بين الصلاتين.

وحكى ابن قُدامة في «المغني» عن ربيعة: أنَّ وقت الظُّهر والعصر إذا زالت الشَّمس، وعن عطاء وطاوس: إذا صار كلُّ شيءٍ مثله دخل وقت الظُّهر، وما بعده وقتٌ لهما على سبيل الاشتراك حتَّى تغرب الشَّمس. وقال ابن راهويه وأبو ثور والمُزَني والطَّبَرني: إذا صار ظلُّ كلِّ شيء مثله دخل وقت العصر، ويبقى وقت الظُّهر قدرَ ما يصلِّي أربع ركعات، ثمَّ يتمحَّض الوقت للعصر، وبه قال مالك. انتهى.

٥٤٨ - قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْلَمَةَ) أي القَعنَبي، ترجمته في باب من الدِّين الفرار من الفتن.

قوله: (عَنْ مَالِكٍ) أي الإمام، ترجمته في بدء الوحي.

قوله: (عَنْ إِسْحاق بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ) واسمه: زيد بن سهل الأنصاري، ابنُ أخي أَنَس بن مالك، يكنَّى أبا يحيى، مات سنة أربع وثلاثين ومائة، قال الواقدي: كان مالك لا يُقَدَّمُ عليه أحدًا في الحديث. قلت: أعاد العَيني ترجمة إسحاق، وقد تقدَّمت في باب من قعد حيث ينتهي به المجلس.

قوله: (عَنْ أَنَسٍ) أي ابن مالك رضي الله عنه، ترجمته في باب من الإيمان أن يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه.

في هذا الإسناد: التَّحديث بصيغة الجمع في موضع واحد، وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع، وفيه القول.

قوله: (قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي العَصْرَ، ثمَّ يَخْرُجُ الإِنْسَانُ إِلى بَنِي عَمْرو بنِ عَوْف فَيَجِدُهُمْ يُصَلُّوْنَ العَصْرَ).

مطابقته هذا الحديث ومطابقة بقيَّة أحاديث هذا الباب للترجمة من حيث إنَّ دلالتهما على تعجيل العصر، وتعجيله لا يكون إلَّا في أوَّل وقته، وهو عند صيرورة ظلِّ كلِّ شيء مثله، قال العَيني: أو مثليه على الخلاف.

هذا الحديث أخرجه

<<  <   >  >>